قصة
٠٧ أبريل ٢٠٢٣
يوم الصحة العالمي ۲۰۲۳ : الاحتفال بذكرى مرور سبعة عقود في دعم الصحة العامة في اليمن
عندما اجتمع الدبلوماسيون لإنشاء الأمم المتحدة في عام ١٩٤٥، كان من أوائل الأمور التي ناقشوها هو إنشاء منظمة صحية دولية متخصصة. في السابع من شهر أبريل للعام ١٩٤٨، تشكّلت منظمة الصحة العالمية وتم الاحتفال بها في أول يوم عالمي للصحة على الإطلاق.
بعد خمس سنوات، في عام ١٩٥۳، أصبح اليمن العضو الواحد والثمانين من الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية.
يُصادف يوم الصحة العالمي لهذا العام الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لمنظمة الصحة العالمية، وعامها السبعون في خدمة شعب اليمن وحكومته.
كان محور يوم الصحة العالمي لعام ١٩٥۳ هو "الصحة كنز"، الذي أكد على العلاقة الوثيقة بين التقدم الاقتصادي والصحة العامة. ويلقي محور "الصحة للجميع" لهذا العام نظرة على أوجه التقدم المُحرز في مجاليّ الطب والرعاية الصحية منذ إنشاء المنظمة، وكذلك الإجراءات المطلوبة الآن للتصدي للتحديات الصحية الرئيسية اليوم وفي المستقبل.
"إن التمتع بأعلى مستويات الصحة التي يمكن بلوغها هي أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان دون تمييز عرقي، عقائدي، سياسي، اقتصادي أو اجتماعي". —دستور منظمة الصحة العالمية.
شدّد التقرير السنوي للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية في حينها، الدكتور ماركولينو جوميز كانداو، المقدّم لجمعية الصحة العالمية في دورتها السادسة لعام ١٩٥۳، على أن أحد الأهداف السامية لمنظمة الصحة العالمية ينبغي أن يكون تعزيز المؤسسات الصحية للدول، مع ضمان أن يكون الجميع على دراية تامة بالمسائل الصحية والقيمة الأساسية للتدابير الصحية السليمة. وعلى مدى العقود السبع التالية، تكاتفت جهود الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية لوضع رؤية عالمية لصحة الجميع، على الرغم من جميع التحديات المستعصية التي تهدد الإنجازات.
قبل انضمامها إلى منظمة الصحة العالمية في عام ١٩٥۳، كانت المملكة المتوكليّة التي تحكم اليمن في حينها قد أجرت بالفعل نقاشات مكثفة للتعاون في إدارة الصحة العامة. وحدد الاتفاق الذي توصلت إليه مع منظمة الصحة العالمية مجالات التعاون من المساعدة الصحية التقنية والاستشارية، البحوث والدراسات، إلى رصد الأمراض وتوفير المعدات الطبية.
خلال العقود التي تلت انضمام اليمن، سعت وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية بدعم من منظمة الصحة العالمية إلى تحقيق العديد من الإنجازات الصحية الهامة. كان من أهمها القضاء على شلل الأطفال البري من النمط الأول في العام ۲۰۰٦. كما استطاع اليمن وقف سريان انتقال فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح من النمط الثاني في العامين ۲۰١١ – ۲۰١۲، وظل اليمن خالٍ من حالات شلل الأطفال حتى عام ۲۰۲۰ التي عاود فيها هذا المرض الظهور. أدت عودة ظهور فيروس شلل الأطفال البري من النمط الأول، متبوعاً بفيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح من النمط الثاني في عام ۲۰۲١ إلى تصنيف اليمن ضمن خمسٌ وثلاثون دولة تواجه حالياً مرض شلل الأطفال المدمّر وغير القابل للشفاء.
"إن التنمية غير المتكافئة في مختلف البلدان وتفاوت جهود تعزيز الصحة ومكافحة الأمراض، وخاصة الأمراض المعدية، تشكل خطراً على الجميع". —دستور منظمة الصحة العالمية
كان عنوان طبعة عام ١٩٨٦ من "مجلة الصحة العالمية" التي تنشرها منظمة الصحة العالمية "المياه هي التنمية". تمت الإشارة في هذه الطبعة إلى اليمن كبلدٍ يواجه فيه العديد من المواطنين مرتفعاتٍ شاهقة لجلب المياه العذبة في المناطق النائية والجبلية من البلاد. وفي الوقت الحالي، فإن شحة المياه في جميع أنحاء اليمن—التي تفاقمت بسبب النزاع الذي طال أمده، تغير المناخ، الجفاف المتكرر والنزوح الداخلي للسكان—تزيد من صعوبة وصول ما يقرب من ثمانية عشر مليون شخص إلى المياه الآمنة، وفقاً لـ "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" (الصليب الأحمر الدولي).
إن تصنيف اليمن كواحد من أكثر دول العالم ندرة في المياه، إلى جانب ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض التي تنقلها المياه، يجعل الحفاظ على إمدادات المياه المأمونة والمتاحة أولوية قصوى للصحة العامة. وعلى مدى عقود عديدة، دعمت منظمة الصحة العالمية تشغيل وصيانة شبكات المياه لتلبية الاحتياجات الصحية الأساسية، بالشراكة مع وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية وبادراك متبادل بأنه دون إمدادات المياه المأمونة، لن تتمكن مجتمعات بأكملها في جميع أنحاء البلاد من ضمان صحتها، رفاهها وتنميتها.
"إن صحة جميع الشعوب أساسية لتحقيق السلام والأمن. يعتمد تحقيق الصحة على التعاون الكامل للأفراد والدول". —دستور منظمة الصحة العالمية.
أدى النزاع المستمر في اليمن منذ ثمانِ سنوات إلى نقض العديد من المكاسب الصحية التي تحققت في العقود الأخيرة، مما جعل النظام الصحي في البلاد واحداً من أكثر الأنظمة هشاشة وأقلها نمواً في العالم حالياً. ومع ذلك، فإن دستور منظمة الصحة العالمية، واستمرار المنظمة في خدمة الشعب اليمني، يتطلبان جهوداً متواصلة لا هوادة فيها لتحديد ومعالجة أي عوائق تواجه تحقيق الصحة للجميع في اليمن، كما هو الحال في جميع البلدان.
تنص المادة الخامسة والعشرون من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر للعام ١٩٤٨، قبل خمسة وسبعين عاماً—في جزء منها—على ما يلي: "لكل شخصٍ الحق في مستوى معيشي يكفل له ولأسرته الصحة والرفاهة، وخاصة المأكل، الملبس، المسكن، العناية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية...".
بهذا، فإن السعي لتحقيق الصحة للجميع قد شكّل وحدد مسار تاريخ انضمام اليمن لمنظمة الصحة العالمية—كما هو الحال في المستقبل الذي لم يُسطر بعد.