الأمم المتحدة تمنع التسرب الكارثي للنفط في البحر الأحمر، ويستمر العمل الجسيم
28 أغسطس 2023 م
بعد عامين من العمل على التهيئة السياسية وجمع التمويل وتطوير المشاريع، نجحت العملية التي تقودها الأمم المتحدة في منع تسرب نفطي هائل في البحر الأحمر من الخزان العائم العملاق صافر المتهالك. قامت شركة سميت للإنقاذ البحري التابعة لمجموعة بوسكالز الرائدة في مجال الخدمات البحرية بنقل أكثر من 1.1 مليون برميل من النفط من خزان صافر البالغ من العمر 47 عامًا إلى الناقلة البديلة الآمنة "اليمن". وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي يتولى إدارة المشروع قد تعاقد مع شركة سميت لتنفيذ المهمة. تعبر الأمم المتحدة عن امتنانها للدول الأعضاء وشركات القطاع الخاص والجمهور العام حول العالم لمساهمتهم في توفير 121 مليون دولار من أجل جعل عملية نقل النفط ممكنة. ولكن لا يزال خزان صافر يمثل تهديداً بيئياً. ويتطلب إنهاء المهمة توفير 22 مليون دولار إضافية. وتعول الأمم المتحدة على المزيد من الدعم السخي لسد الفجوة المتبقية في ميزانية المشروع.
خلفية
خزان صافر الذي صنع في عام 1976 للعمل كناقلة نفط عملاقة تم تحويلها بعد عقد من الزمن إلى مرفق عائم للتخزين والتفريغ، يرسو حاليا على بعد حوالي 4.8 ميلاً بحريا قبالة ساحل محافظة الحديدة في اليمن.
في عام 2015 تم تعليق عمليات الإنتاج والتفريغ والصيانة الدورية للخزان بسبب النزاع القائم في اليمن. ومن ثم شهدت السلامة الهيكلية للخزان الذي يحمل أكثر من مليون برميل من النفط تدهوراً كبيراً عرضه لخطر الانهيار. كما توقفت أنظمة ضخ الغاز الخامل في الخزان عن العمل في عام 2017 مما عرضه لخطر الانفجار. ومن ثم أصبح الخزان غير قابل للإصلاح.
تكلفة حدوث تسرب نفطي هائل
أي تسرب نفطي كبير من خزان صافر من شأنه أن يتجاوز القدرات والموارد الوطنية اللازمة للاستجابة بفاعلية. إذ يمكن للتسرب أن يدمر المجتمعات التي تعتمد على الصيد على ساحل البحر الأحمر اليمني وأن يقضي على الفور على مائتي ألف من سُبل المعيشة، كما كان سيعرض مجتمعات بأكملها للسموم التي تهدد الحياة. كذلك يمكن لتسرب نفطي كبير أن يُغلِق مينائي الحديدة والصليف المجاورين – وهما ميناءين أساسيين لجلب الإمدادات الغذائية والوقود والإمدادات المنقذة للحياة إلى بلدٍ يحتاج فيه 17 مليون شخص للمساعدات الغذائية.
وكان من الممكن أن يكون التأثير البيئي شديدا على المياه والشعاب المرجانية وأشجار المانغروف والحياة البحرية بكل أنواعها. وكان من الممكن أن يصل التسرب إلى شواطئ المملكة العربية السعودية وإريتريا وجيبوتي والصومال. كما كان من الممكن أن يتسبب في إغلاق محطات تحلية المياه على ساحل البحر الأحمر، وقطع مصادر المياه العذبة عن ملايين الناس. وكانت حركة السياحة ستتأثر سلباً، فضلاً عن تعطل حركة الشحن الحيوية عبر مضيق باب المندب إلى قناة السويس لفترة كان من شأنها أن تتسبب في خسارة مليارات الدولارات في اليوم الواحد. كذلك تم تقدير تكلفة تنظيف مثل ذلك التسرب النفطي وحدها بنحو 20 مليار دولار.
خطة التصدي للمخاطر التي تنسقها الأمم المتحدة
استكمالاً لجهود الأمم المتحدة السابقة للتصدي للتهديد الذي يمثله الخزان صافر في سياق مسيّس للغاية فرضه الصراع الجاري، ظهرت مبادرة جديدة ذات أبعاد تجارية في منتصف عام 2021. المبادرة التي طرحتها مجموعة فاهم دعت إلى التعاقد مع شركة رائدة في مجال الإنقاذ البحري لنقل النفط من خزان صافر المتهالك إلى ناقلة عملاقة بديلة. وفي سبتمبر 2021، تبنت الإدارة العليا للأمم المتحدة تلك المبادرة التجارية ووجهت المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن، ديفيد غريسلي، لقيادة مبادرة أممية واسعة النطاق لتنسيق جميع الجهود للتصدي للتهديد والمخاطر التي يفرضها الوضع الحالي لخزان صافر.
وبعد مناقشات واسعة مع العديد من الجهات المعنية، تم تقديم مسودة لخطة متكاملة تنسقها الأمم المتحدة، أيدتها الإدارة العليا في ديسمبر 2021 .
ومنذ ذلك الحين، عملت الأمم المتحدة عن كثب مع حكومة اليمن في عدن، والتي لطالما دعمت المبادرة بما في ذلك التعهد بالمساهمة بحوالي 5 ملايين دولار لمشروع الأمم المتحدة لمواجهة التسرب.
كذلك وقعت السلطات القائمة في صنعاء، والذي يرسو الخزان في المنطقة الواقعة تحت سيطرتها، على مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة في 5 مارس 2022، حددت إطارا للتعاون التزمت فيه بتسهيل نجاح المشروع.
ويقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتنفيذ مكونات هذا المشروع المعقد بما في ذلك:
• التعاقد مع شركة عالمية رائدة في مجال الإنقاذ البحري لفحص خزان صافر وجعله آمن لعملية نقل النفط إلى ناقلة بديلة .
• شراء وتركيب منصة تحميل بحرية سطحية عائمة يتم ربط الناقلة البديلة بها لتعزيز القدرة لتخزين النفط.
• سحب خزان صافر وإعادة تدوريه.
بدأت الأعمال التحضيرية في نهاية عام 2022. واستقطب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خبرات فنية مشهود لها عالمياً لتنفيذ المشروع، بما في ذلك التعاقد مع شركات متخصصة في الإدارة البحرية، والقانون البحري، ووسطاء للتأمين ولشراء السفن البحرية، وخبراء في التعامل مع التسربات النفطية.وفي مارس 2023، تعاقد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع شركة يورناف (EURONAV) لشراء ناقلة بديلة ليتم تعديلها لاحقا لمقتضيات العملية. وفي أبريل 2023، تعاقد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع شركة سميت (SMIT) للإنقاذ البحري.
تجنب التهديد الماثل
وفي 30 مايو 2023، وصلت ناقلة الإنقاذ إنديفور إلى موقع رسو خزان صافر لبدء العملية. وتعاون طاقم خزان صافر بشكل وثيق مع فريق الإنقاذ. وفي الحديدة، وفرت اللجنة الفنية المعنية بصافر الوصول وقدمت الدعم الأمني والفني وحافظت على مستوى عال من التنسيق والتعاون مع فريق عمليات الأمم المتحدة في الحديدة.
ومن أجل حفظ استقرار خزان صافر وتجهيزه لنقل النفط ومن ثم سحبه في مرحلة لاحقة، شمل عمل فريق سميت النشاطات التالية:
- إجراء التقييمات الهيكلية الشاملة لبدن الخزان، والتي أكدت أن مستويات سمك الهيكل كافية لتحمل القوى المتولدة أثناء عملية نقل النفط؛
- ضخ الغاز الخامل في صهاريج الخزان للحد بشكل كبير من مخاطر نشوب حريق أو انفجار، والاختبار المستمر لضمان بقاء الجو في مستوى آمن؛
- إعداد مضخات النقل المحمولة وتجهيز الخراطيم والصمامات وإصلاحات مشعب خزان صافر الذي سيتدفق النفط من خلاله أثناء عملية النقل؛
- التحضير المسبق للمعدات اللازمة لاستجابة لأي تسرب نفطي.
ووفر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع المنظمة البحرية الدولية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة خبرات عالية المستوى لمراقبة العمل ودعم الجهود اليمنية للاستجابة في حالة وقوع أي حادث. كما قدم برنامج الغذاء العالمي وصندوق الأمم المتحدة للسكان وإدارة السلامة والأمن التابعة للأمم المتحدة وبعثة الأمم المتحدة لاتفاق الحديدة خبرات متنوعة لتعزيز الدعم التشغيلي الميداني.
وبدأ ضخ النفط في 25 يوليو وتم الانتهاء منه بنجاح في 11 أغسطس 2023. إذ تم نقل أكثر من 1.1 مليون برميل من النفط من خزان صافر البالغ من العمر 47 عاماً إلى الناقلة البديلة اليمن (نوتيكا سابقاً).
ومن ثم قام فريق سميت بغسل صهاريج خزان صافر وساعد وفي الفصل بينه وبين الناقلة اليمن التي تم إبعاد إلى المنطقة التي سترسو بها بانتظار وصول منصة التحميل العائمة، كما قام الفريق باتخاذ إجراءات أخرى لضمان استقرار الناقلتين. وأبحرت السفينة إنديفور خارج المياه الإقليمية اليمنية في 28 أغسطس.
وقد قدمت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وشركات القطاع الخاص والجمهور العام حول العالم مساهمات سخية تجاوزت 121 مليون دولار. وساهم شركاء آخرون على مر السنين بالدعوة للتصدي لهذا التهديد أو بمساهمات عينية.
إنهاء المهمة يتطلب المزيد من لدعم
نجحت عملية نقل النفط ف منع السيناريو الأسوأ والمتمثل في حدوث تسرب كارثي كان ليبلغ أربعة أضعاف حجم التسرب من ناقلة إكسون فالديز في 1989. ولكن لا بزال خزان صافر المتهالك يشكل تهديداً بيئياً مستمراً بسبب البقايا العالقة من النفط اللزج الممزوج بالرواسب الذي لا يمكن إزالته إلا بعد التنظيف النهائي، كما يظل معرضاً لخطر الانهيار.
العمل المتبقي يشمل تركيب منصة تحميل بحرية سطحية عائمة سيتم ربط الناقلة اليمن بها، ومن ثم سحب خزان صافر لإعادة تدويره بشكل آمن. ويتطلب إكمال المهمة إلى 22 مليون دولار، تتضمن سداد 20 مليون دولار من التمويل الطارئ الذي وفره الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ التابع للأمم المتحدة الذي لسد الفجوة في الميزانية وتوفير سيولة كافية لبدء العملية.
تعكس الميزانية الحالية للخطة الظروف الحالية في الأسواق
كما هو موضح في خطة الأمم المتحدة الأولية في أبريل 2022، بلغت ميزانية العملية 144 مليون دولار. وفي حين أدى اعتماد حل توفير منصة بتحميل بحرية سطحية عائمة في البداية إلى خفض الميزانية المقدرة، دفع ارتفاع أسعار ناقلات النفط العملاقة وعوامل أخرى بالميزانية إلى الزيادة. تبلغ الميزانية الحالية 143 مليون دولار. وتعول الأمم المتحدة على تواصل الدعم السخي لسداد فجوة التمويل البالغة 22 مليون دولار.
كما تشكر مجموعة شركات هائل سعيد أنعم وشركاه والرابطة الدولية لمنتجي النفط والغاز ومؤسسة ترافيجورا وشركة اكتافيا للطاقة/وكالفالي للبترول ومؤسسة ليو بالمر وكذلك الدعم السخي من الالاف الأفراد حول العالم.
لمزيد من المعلومات، يرجى التواصل مع:
راسل جيكي، كبير مستشاري الاتصال للمنسق المقيم ومنسق الشئون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، (geekie@un.org ) (+13476540913)
أو برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، ديلان لوثيان، ، (daylan.lowthian@undp.org ) (+16466736350)