يونيسف - اليمن: منارة للأمل: أبطال اليمن
منارة للنور تسطع في أحلك الأوقات
في اليمن الذي مزقته الحرب، حيث هيمنت أصوات الصراع والمصاعب على العناوين الأخبارية لفترة طويلة جداً، تتكشف قصة مختلفة. إنها قصة أمل وصمود ورحمة مرت دون أن يلاحظها أحد إلى حد كبير. إنها قصة حملة التحصين ضد الحصبة والحصبة الألمانية، وهي منارة للنور تسطع في أحلك الأوقات وتديرها وزارة الصحة العامة في عدن بدعم من اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية. وتخللتها جهود رائعة بذلها العاملون الصحيون المتفانون في الخطوط الأمامية في البلاد والأطفال الرائعين الذين اجتمعوا معاً للوقوف في وجه تزايد تفشي الحصبة الشديدة العدوى والمميتة التي كان من الممكن الوقاية منها بسهولة عن طريق جرعات اللقاحات.
من رحم الشدائد، يبزغ الأبطال
في اليمن، حيث يحتاج ما يقرب من 80% من السكان إلى مساعدات إنسانية، أصبح توفير الرعاية الصحية الأساسية تحدياً ذا أبعاد ملحمية. ولكن من رحم الفوضى والمعاناة، ظهرت مجموعة من الأبطال المجهولين. هؤلاء الأبطال، العاملون الصحيون في الخطوط الأمامية في اليمن، جعلوا من مهمتهم حماية الفئات الأكثر ضعفاً - الأطفال - من الأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل الحصبة والحصبة الألمانية.
الدكتورة عبير محمد هي واحدة من العديد من العاملات الصحيات اللاتي يقدن حملة التحصين ضد الحصبة والحصبة الألمانية، حيث تعمل بمعية فريقها بلا كلل ولا ملل للوصول إلى المناطق النائية ومخيمات النازحين، والتنقل بين التضاريس الوعرة، وغالباً ما يعرضن سلامتهن للخطر. تقود الدكتورة عبير فريقاً متنقلاً مكوناً من أربع عاملات صحيات بدعم من اليونيسف، والذي يتنقل عادةً طوال اليوم بين مخيمات النازحين في عدن لخدمة الفئات الأكثر ضعفاً - النازحين - من خلال توفير خدمات صحية وتغذوية متكاملة.
خلال هذه الحملة، قررت عبير وفريقها تكريس وقتهن وجهودهن لدعم حملة التحصين الجارية. وفي مديريتي البريقة ودار سعد المثقلتين بالأعباء في عدن، نجحت عبير وفريقها في الوصول إلى الأطفال المحتاجين.
تقول الدكتورة عبير: "لقد رأيت العديد من الأطفال يعانون من الحصبة خلال زياراتي لمخيمات النازحين والمجتمعات المهمشة، لذلك عندما علمت بالحملة، قررت تكريس جهود فريقي للمساهمة في الوصول إلى الأطفال الأكثر ضعفاً وحمايتهم من هذا المرض الفتاك".
وتضيف: "نصل إلى الأماكن شديدة الوعورة والنائية كل يوم لخدمة كل طفل نازح ومهمش. هذه هي رسالتنا وهذا ما يبقينا متحمسين للذهاب في اليوم التالي للوصول إلى عدد أكبر من الأطفال مقارنة باليوم السابق".
تمكن فريق العيادة المتنقلة من الوصول إلى 380 طفلاً يومياً، وهو ما يمثل التزاماً وتفاني جدير بالثناء يظهره الفريق على الرغم من الطقس الحار والصعب للغاية في عدن. ولم تفض الجهود التي تبذلها هؤلاء العاملات الصحيات الدؤوبات بتطعيم مئات الأطفال فحسب، بل جلبت بصيصاً من الأمل لهذه الأسر الضعيفة وأطفالها.
الأبطال الصغار المجهولون
إدراكاً لأهمية التعبئة المجتمعية في جميع حملات التحصين، نفذت اليونيسف ووزارة الصحة العامة والسكان حلولاً محلية لسد الفجوات ومحاولة تزويد جميع الأطفال بالجرعات اللازمة. وقد بدأت برامج توعية الأطفال بواسطة أقرانهم التي تدعمها اليونيسف تحت مسمى "اكفل طفلاً" لتشجيع الصغار على تثقيف أقرانهم وأمهاتهم حول أهمية التحصين. واليوم، تجسد حالة تثلج الصدر – رفعها الرصد الميداني لليونيسف - في مديرية الشيخ عثمان نجاح هذه الجهود، حيث أقنع صبي صغير يُدعى محسن مختار، مسلحاً بمعرفته حول الحملة، إحدى قريناته بزيارة موقع تطعيم مؤقت في مديرية دار سعد في عدن. وتأكد من أن صديقته حصلت على لقاح الحصبة والحصبة الألمانية وجرعة فيتامين "أ"، وألهم بذلك الأطفال الآخرين في المجتمع ليحذوا حذوه.
وقال الطفل محسن: "تتمثل قمة سعادتي في رؤية أصدقائي وجميع الأطفال يتمتعون بصحة جيدة وسعادة. ومن خلال برنامج "اكفل طفلاً"، أقوم بتوجيه الناس للحصول على التطعيم طوال الوقت، ولكن خلال الحملة، وضعت لنفسي أهدافاً إضافية لتحقيقها".
وأضاف قائلاً: "أشعر بالسعادة والارتياح عندما أتمكن من إقناع أقراني وإحضارهم للحصول على جرعة التحصين في المرفق الصحي. أشعر بالفخر، وأود أن أشكر فريق السلوك الاجتماعي والتغيير في اليونيسف الذي علمني بأهمية اللقاحات وزودني بالمهارات اللازمة لإقناع أقراني بالذهاب وتلقي جرعات التطعيم الخاصة بهم".
دشنت اليونيسف في اليمن مبادرة "اكفل طفلاً" لزيادة تغطية تحصين الأطفال بين السكان المستهدفين في اليمن. ونتيجة لهذه الجهود الدؤوبة التي بذلها هؤلاء الأبطال الصغار، تلقى أكثر من 15,000 طفل جرعات الحصبة والحصبة الألمانية منذ بداية الحملة.
مع استمرار حملة التحصين ضد الحصبة والحصبة الألمانية - التي تستهدف 1.2 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر وخمس سنوات في 13 محافظة جنوبية وشرقية في اليمن، ما يزال التعاون بين وزارة الصحة العامة واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية والتحالف العالمي للقاحات والتحصين مع العاملين الصحيين والمجتمعات المحلية قائماً. وعلى الرغم من الظروف الصعبة، فإن التصميم على حماية أطفال اليمن من هذه الأمراض ثابت لا يتزعزع. ومن خلال جهودهم الجماعية، فإنهم لا ينقذون الأرواح فحسب، بل يزرعون بذور مستقبل أكثر صحة وإشراقاً لأطفال اليمن.