برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - اليمن: نحو عقد من الصمود: تعزيز المجتمعات الريفية في اليمن

--
على مدى ما يقرب من عشر سنوات، قدّم برنامج الصمود الريفي المشترك في اليمن (ERRY) دعمًا متكاملًا لبناء قدرات المجتمعات الريفية الأكثر ضعفًا على الصمود وإعادة البناء بشكل أفضل.
امتد تنفيذ البرنامج على ثلاث مراحل متتالية خلال الفترة من 2016 إلى 2025، وشمل 37 مديرية في ثماني محافظات، مستهدفًا أكثر من 2.1 مليون شخص من خلال تدخلات مباشرة وغير مباشرة.
بتمويل من الاتحاد الأوروبي وحكومة السويد، نُفذ البرنامج بالشراكة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، ومنظمة العمل الدولية (ILO). وقد جمع البرنامج بين المساعدات الإنسانية، والبرامج التنموية، وجهود بناء السلام في إطار واحد متكامل، يضع المجتمعات المحلية في قلب عملية التعافي.
قال غابرييل مونويرا فينالز، سفير الاتحاد الأوروبي لدى اليمن:
"وقف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب اليمني عبر برنامج ERRY على مدار ما يقرب من عقد من الزمن، وكرّس جهوده ليس فقط لدعم التعافي، بل لتعزيز القدرة على الصمود، وتحسين سبل العيش، والمساهمة في بناء السلام المستدام."
من جانبها، أكدت آنا غيتيت، المستشارة ومديرة البرامج الإقليمية في سفارة السويد لدى اليمن، أهمية هذا النهج، قائلة:
"تفخر السويد بدعم برنامج يمكّن المجتمعات والمؤسسات المحلية من قيادة مسار تعافيها. إن برنامج ERRY يجسّد إيماننا بأن الصمود المستدام يجب أن ينطلق من الداخل."
تحسين الأمن الغذائي والقدرة على الصمود الزراعي

في ظل انعدام الأمن الغذائي واسع النطاق في اليمن، عمل برنامج الصمود الريفي المشترك (ERRY) على الاستجابة للاحتياجات الغذائية الطارئة، بالتوازي مع تعزيز استدامة الزراعة على المدى الطويل. فقد حصلت أكثر من 32,000 أسرة على دعم غذائي من خلال مبادرة المساعدة الغذائية مقابل الأصول (FFA)، التي ساهمت في إعادة تأهيل بنية تحتية مجتمعية حيوية مثل قنوات الري، والطرق الفرعية، ومستجمعات المياه، والمدرجات الزراعية.
ولتمكين الأسر الريفية من استعادة سبل عيشها وزيادة إنتاج الغذاء، دعم البرنامج 42,500 مزارع من خلال توفير البذور، والأدوات، والمدخلات الزراعية المحسّنة. كما تم تزويد 47,550 من مربي الماشية بالأعلاف والخدمات البيطرية. إلى جانب ذلك، تلقّى 34,900 مزارع تدريبات على ممارسات زراعية مرنة في مواجهة تغيّر المناخ، شملت التسميد العضوي، وتنويع المحاصيل، وتسمين الماشية.
وفي قطاع الألبان، تم دعم 9,848 منتجاً، معظمهم من النساء، من خلال إنشاء 10 مراكز لجمع الحليب و10 مرافق لتجهيز الأغذية، مما ساعد على تحسين دخل الأسر وتعزيز مستوى التغذية. ونتيجة لهذه التدخلات، ارتفعت نسبة الأسر التي أبلغت عن استهلاك غذائي مقبول في المناطق المستهدفة من 26% إلى 53%.
يقول حسام، مزارع يبلغ من العمر 54 عاماً من محافظة لحج:
"في السابق، لم أكن أستطيع زراعة البطيخ – كان الديزل مكلفاً، والنباتات تموت باستمرار. أما الآن، وبفضل نظام الري بالتنقيط والمضخة الشمسية التي حصلت عليها، فقد تغيّر كل شيء. أصبحت أزرع أكثر، وأنفق أقل، بل وبدأت التوسع في أراضٍ جديدة. لقد أعادت هذه المزرعة – وأملي – إلى الحياة."
إحياء سبل العيش وتعزيز الفرص الاقتصادية المستدامة

أسهم برنامج الصمود الريفي المشترك (ERRY) في تمكين المجتمعات المحلية من التحوّل من الاعتماد على المساعدات إلى الاعتماد على الذات، من خلال دعمها في إنشاء مصادر دخل مستدامة. فقد تم إطلاق أكثر من 10,900 مشروع صغير، تقود النساء 45% منها. كما تلقّى حوالي 7,000 شاب وشابة تدريبًا فنيًا ومهنيًا في مجالات متعددة، شملت الطاقة الشمسية، وإصلاح الهواتف المحمولة، والخياطة، وصيانة الأجهزة المنزلية.
وقد أثمرت هذه الجهود عن نتائج ملموسة وسريعة، حيث أفادت 70% من الشركات الجديدة بأنها حققت تطورًا إيجابيًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من إنشائها، وأكّدت 72% من الأسر المستفيدة أنها طوّرت مصدر دخل مستدام بفضل دعم البرنامج.
تقول عبير، وهي مصورة شابة من مديرية المعافر بمحافظة تعز:
"الدعم الذي تلقيته من خلال البرنامج المشترك حوّل حلمي إلى حقيقة. باستخدام كاميرتي، لا ألتقط الصور فقط، بل أروي القصص، وأكسب دخلاً، وأساعد في إعالة أسرتي."
تمكين المرأة لتعزيز دورها الاقتصادي والاجتماعي

في إطار دعمه لتمكين المرأة، قدّم برنامج الصمود الريفي المشترك (ERRY) تدريبًا ودعمًا ماليًا لأكثر من 12,500 امرأة لإطلاق أنشطة مدرّة للدخل ومستدامة. كما حصلت نحو 2,800 امرأة على مدخلات ومعدات زراعية، مما مكّنهن من المشاركة الفاعلة في إنتاج الأغذية المحلية وتعزيز دورهن في الاقتصاد الريفي.
ولم يقتصر هذا التمكين على الجانب الاقتصادي فقط، بل امتد إلى المجالات الاجتماعية والمجتمعية. فقد شكّلت النساء 40% من المشاركين في عمليات التخطيط والحوار المجتمعي، وأسهمت 3,950 امرأة بشكل مباشر في إعداد خطط الصمود المحلية. كما تم تدريب أكثر من 100 امرأة لتكون وسيطات ومدرّبات مجتمعيات، فاعلات في حل النزاعات وتعزيز التماسك المجتمعي.
تقول روضة، منسقة المجتمع في مديرية المعافر بمحافظة تعز، والتي قادت جهود التنمية المحلية في 40 قرية:
"ما يحفزني هو معاناة الناس. عندما نعمل معًا، يمكننا تجاوز أي تحدٍ وبناء مستقبل أفضل للجميع."
تعزيز الاستدامة عبر الطاقة النظيفة والتقنيات المناخية الذكية

في مواجهة فقر الطاقة والتحديات المتزايدة الناجمة عن تغيّر المناخ، ساهم برنامج الصمود الريفي المشترك (ERRY) في توسيع نطاق استخدام الطاقة المتجددة في المجتمعات الريفية باليمن. فقد تم تركيب 565 نظامًا للطاقة الشمسية في المدارس والمراكز الصحية ومعاهد التدريب المهني، ما أسهم في تحسين استمرارية الخدمات الأساسية وجودتها.
كما تم تنفيذ 12 نظام ري شمسي لدعم الإنتاج الزراعي، إلى جانب إنشاء محطتين رئيسيتين للطاقة المتجددة: الأولى لتحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية، والثانية محطة هجينة تجمع بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتوفير مصدر نظيف ومستقر للطاقة في المناطق النائية.
ولضمان التشغيل المستدام لتلك الأنظمة، تم تدريب 100 موظف على تشغيلها وصيانتها. كما دعم البرنامج تطوير سوق محلية للطاقة النظيفة من خلال تمكين 700 مشروع صغير في هذا المجال، واعتماد 128 فنيًا متخصصًا في الطاقة الشمسية.
في القطاع الزراعي، درّب البرنامج 7,000 مزارع على ممارسات الزراعة الذكية مناخيًا وإدارة الموارد المائية، كما وفّر بذورًا مقاومة للجفاف لـ 1,000 أسرة، لتعزيز الأمن الغذائي في ظل تغيّر المناخ.
يقول أحمد، مسؤول التشغيل والصيانة في مديرية المقاطرة بمحافظة لحج:
"مع النظام الشمسي، أصبح كل شيء أسهل – تعمل المضخات بسلاسة، التكاليف أقل، والناس يحصلون أخيرًا على مياه نظيفة. هذا المشروع لم يحل المشكلة فقط، بل غيّر حياتنا اليومية."
تعزيز الحوكمة وتحسين الخدمات الأساسية في المجتمعات الريفية

كان تمكين القيادة المجتمعية في صلب نهج الصمود الذي تبناه برنامج الصمود الريفي المشترك (ERRY). فقد جرى تفعيل وتدريب 811 مجلسًا تعاونيًا قرويًا و107 لجان محلية فرعية لتقود جهود التخطيط المحلي. وأسفرت هذه العملية عن إعداد 918 خطة صمود مجتمعية، ركزت على تحديد الأولويات التنموية بناءً على احتياجات السكان.
ونفّذ البرنامج 1,585 مشروعًا لإعادة تأهيل البنية التحتية المجتمعية، شملت مدارس وطرقًا وشبكات مياه ومرافق صحية، نفذت العديد منها من خلال أنشطة "النقد مقابل العمل" و"الغذاء مقابل الأصول". وأظهرت النتائج أن 85% من المستفيدين أفادوا بتحسن ملموس في قدرتهم على الوصول إلى الخدمات الأساسية.
كما تم تدريب أكثر من 8,200 عضو في اللجان المجتمعية، منهم ما يقارب نصفهم من النساء، على مهارات التخطيط والتنسيق وإدارة المشاريع، مما عزز من المشاركة المحلية الفاعلة في قيادة التنمية.
تقول حنان صالح، متطوعة في مجال الصحة المجتمعية في مديرية لودر بمحافظة أبين:
"قبل هذا المشروع، لم تكن لدينا وحدة صحية حقيقية – فقط غرفة صغيرة يستخدمها حارس المدرسة. اليوم أصبح لدينا مرفق صحي لائق ومجهز بالأدوات الأساسية، ما مكننا من تقديم خدمات الرعاية للأمهات والأطفال في مجتمعنا، وقلّل من حاجتهم للسفر لمسافات طويلة بحثًا عن العلاج
تعزيز التماسك الاجتماعي وبناء السلام المحلي

في ظل النزاع المختلفة في اليمن وما صاحبه من نزوح داخلي لآلاف العائلات، ركّز برنامج الصمود الريفي المشترك (ERRY) على بناء السلام من القاعدة، عبر المجتمعات المحلية. فقد تم تدريب 1,046 وسيطًا محليًا على مهارات حل النزاعات، وتنظيم 265 جلسة حوار مجتمعي، ودعم 81 مشروعًا يقوده المجتمع لتعزيز السلام.
وقد أسهمت هذه التدخلات في تعزيز التماسك المجتمعي وبناء الثقة بنسبة 70%، بحسب تقارير المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني. كما سهّل البرنامج تنفيذ أكثر من 1,000 مبادرة مجتمعية ذاتية القيادة، استهدفت قضايا محلية ملحّة، من بينها إصلاح البنية التحتية ومنع نشوب النزاعات.
تقول فاتن، وسيطة مجتمعية من قرية بني عامر في محافظة لحج:
"كنت خجولة ومترددة في الحديث حتى بين النساء. لكن التدريب الذي تلقيته ضمن برنامج ERRY منحني المهارات التي أحتاجها للتواصل، والتفاوض، وبناء التماسك الاجتماعي حتى في بيئة منقسمة. لقد أصبحت فاعلة ومؤثرة في مجتمعي."
أثر مستدام يتجاوز عمر المشروع
رغم انتهاء برنامج الصمود الريفي المشترك (ERRY) رسميًا في يونيو 2025، إلا أن الأنظمة، والمهارات، والخدمات التي ساعد في بنائها ما تزال راسخة في قلب المجتمعات التي خدمها — لتشكّل بذلك أساسًا متينًا نحو يمن أكثر صمودًا وسلامًا.
وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن:
"يعرب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن بالغ امتنانه للاتحاد الأوروبي وحكومة السويد على شراكتهما في دعم الأمن الغذائي، وسبل العيش، والطاقة المتجددة، والحوكمة الشاملة في المجتمعات الأشد ضعفًا في اليمن."
للاطلاع على المزيد من جهود الصمود في إطار برنامج الصمود الريفي المشترك (ERRY)، يمكنك تصفح تقرير الأثر الخاص بالبرنامج.