برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين - اليمن: لا سجادة حمراء ولا مسارات سلسة، الغاية فقط - مدونة من اليمن

---
يكن المكان غير مألوف بالنسبة لي، فهذه هي خامس مهماتي مع البرنامج منذ عام 2002. لكن شيئا ما في هذه العودة بدا مختلفاً.
"سيتم تعيينك عندما يبدأ مشروع، وسيتم تسريحك عند انتهائه". كانت هذه كلمات أستاذي في جامعة برادفورد المحفورة في ذهني منذ عقدين من الزمن. فكرة بقيت معي منذ ذلك الحين. على مر السنين، تنقلت بين عدة وظائف في كيانات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنظمة الإغاثة الإسلامية، مستعداً دائماً لبدايات جديدة. بين عامي 2002 و2012، عملت في مجالات تتعلق بالحد من الفقر وتمكين الشباب والحوكمة. بحلول نهاية ذلك العقد، اعتقدت أنني رأيت كل شيء.
بدايات جديدة
لم يكن بدء عملي كمنسق قطري لبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين مجرد وظيفة أخرى. كانت مهمتي هي إنشاء الوحدة الميدانية لبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين في اليمن وتوسيع نطاق العمل التطوعي في خضم أزمة وطنية. لقد كان الأمر مجزياً - لكن طريق الوصول إليه صعب. لا سجادة حمراء ولا مسارات سلسة. كانت الغاية فقط هي التي تسهّل السفر في هذه الطريق.
تلقيت دعماً قوياً عندما بدأت مهمتي، إلى جانب العديد من التدريبات عبر الإنترنت وورشة عمل في القاهرة. هناك ، التقيت تويلي كوربانوف، نائب المنسق التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين آنذاك. لم أحصل على الكثير من الوقت معه بحلول نهاية الورشة، عندما ذهبت لمصافحته مودعاً. أمسك بيدي وقال: "انظر يا عبد الله، إذا ندمتُ على شيء واحد في هذه الورشة، فهو أنني لم أتحدث معك بما فيه الكفاية". من هناك، عدت إلى صنعاء ليس فقط كمنسق قطري، ولكن كسفير ملتزم لبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين في اليمن، مصمماً على اتخاذ إجراءات حقيقية على الأرض. هذا ما تفعله كلمات التقدير - تشعل شعلة بداخلك لتواصل العمل، بغض النظر عن العقبات.
اختبار الدبلوماسية
في عام 2018، بعد مهمة عمل لبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين، تلقيت مكالمة من مكتب حكومي. شعرت بالتوتر وأبلغت أحد المدراء في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالأمر. قال لي: "لا تقلق، اذهب وتحدث إليهم". خلال الاجتماع، سألني الموظفون عما يفعله لبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين، فأوضحت لهم عملنا. بعد أيام، رأيت أحد الموظفين مرة أخرى - هذه المرة في وزارة الخارجية. ابتسم وقال: "نحن سعداء لأن لبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين يعين المزيد من المتطوعين". عاد قلبي إلى مكانه، مع شعور هادئ بالنصر. بحلول كانون الأول/ ديسمبر عقدنا أول احتفال باليوم الدولي للمتطوعين داخل الوزارة، برعاية مشتركة من الوزير وممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. بحلول نهاية عام 2018، كان عملي يتجاوز مجرد الترويج لبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين. سرعان ما أدركت أنني كنت أعبر بعملي الحساسيات السياسية في واحدة من أكثر البيئات تعقيداً في العالم.
من جمع البيانات إلى نشر المتطوعين
في أوائل عام 2019، بدأنا العمل على إعداد قاعدة بيانات وطنية لبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين في اليمن. ما بدأ كسؤال بسيط: "هل ستكون كيانات الأمم المتحدة مهتمة باستقطاب مواطنين يمنيين كمتطوعين؟" تطور بسرعة إلى شيء أكبر بكثير. قام أكثر من 4,000 متطوع ومتطوعة بتسجيل بياناتهم وإنشاء ملف تعريفي في قاعدة بياناتنا، 21 في المائة منهم من النساء. عرضتُ النتائج وإمكانات العمل في الاجتماع المشترك مع فريق الأمم المتحدة في البلاد. وقد أثمر هذا الجهد، حيث قامت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان باستقطاب ونشر 20 مواطن يمني كمتطوعين مع الأمم المتحدة. بحلول نهاية عام 2019، ارتفع عدد متطوعي الأمم المتحدة في اليمن من 11 إلى 28 متطوعاً ومتطوعة. بحلول عام 2025، نمت قاعدة البيانات لتشمل 11,000 ملف تعريفي للمتطوعين، لتصبح قاعدة مواهب وطنية حقيقية.
أكثر من مجرد صورة
لاحقاً في عام 2019، قام أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بزيارة اليمن.
وتعليقاً على العلاقة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين، قال مدير البرنامج: "إن برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين هو أحد أنجح برامجنا. أشجع الجميع على نشر المزيد من المتطوعين. ولا تنسوا خدمة التطوع عبر الإنترنت - إنها ممتازة."
بعد الجلسة، طلبت منه التقاط صورة تذكارية، فوافق. قال لي: "سترسل الصورة إلى بون [المقر الرئيسي برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين]، أليس كذلك؟" اليوم، هذه الصورة معلقة في مكتبنا في صنعاء - وهي لحظة ذكرتني بأن عملنا لا يمر دون أن يُلحظ.

عام الوباء
في عام 2018، خلال نزهة في حديقة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في صنعاء، التقيت بالدكتورة فلورنس، مديرة عيادة الأمم المتحدة. قالت لي: "كنت متطوعة مع الأمم المتحدة في هايتي". بعد 20 عاماً قضتها في المستشفيات في جميع أنحاء الكاميرون، انضمت إلى جهود الاستجابة لزلزال هايتي كمتطوعة. لم أكن أعرف حينها مدى أهمية هذا الاجتماع.
عندما ضرب وباء كوفيد-19 في عام 2020، جمعتنا المنسقة المقيمة للأمم المتحدة ليز غراندي في الحديقة وأعلنت عن الوباء. كان مقر الأمم المتحدة يرسل توجيهات عاجلة. كانت رسالتها واضحة: اعملوا معاً. استخرجت الوحدة الميدانية التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين بيانات 71 طبيباً/ طبيبة و61 ممرض/ ممرضة من قاعدة البيانات الوطنية التي أنشأناها. بعد فترة وجيزة، شكلت أنا والدكتورة فلورنس فرقة عمل لمكافحة الوباء.
قمنا بتعيين 65 متطوع ومتطوعة من المختصين في المجال الطبي ضمن فريق العمل المعني بالجائحة، وقمنا بتوسيع نطاق الخدمات الطبية للأمم المتحدة في سبع مدن. عملت في وقت متأخر من الليل، وأجريت مكالمات بلا توقف - أعيش روح العمل التطوعي. في وقت لاحق من ذلك العام، اتصلت منظمة الصحة العالمية في الأردن: "سمعنا عن عملك. هل يمكنكم مساعدتنا في تعيين متطوعي الأمم المتحدة في عمّان؟" وفعلنا ذلك. تم نشر خمسة متطوعين أردنيين. في ذلك العام، اكتسب برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين في اليمن احتراماً عميقاً، داخل الأمم المتحدة وبين الشركاء الحكوميين، وذلك بفضل تفاني وحدتنا الميدانية.

أسبوع الإلهام
في عام 2022، كان اليوم الدولي للمتطوعين لحظة وضعت متطوعينا ومتطوعاتنا ووحدتنا الميدانية في اليمن في مركز الاهتمام. حضر تويلي كربانوف - الذي التقيت به عندما انضممت إلى البرنامج لأول مرة - إلى اليمن، للاحتفال بهذه المناسبة مع المتطوعين والمتطوعات في أحد مراكز العمل الأكثر صعوبة. هذه المرة كمنسق تنفيذي للبرنامج. كنت مسؤولاً عن الكثير من الخدمات اللوجستية في واحد من أكثر الأسابيع تركيزاً ومعنى في مسيرتي المهنية. خاطت كلماته الشجاعة في نسيجنا. ليس بالنسبة لي فقط، ولكن لنا جميعاً في اليمن، من نمضي يوماً بعد يوم، على الرغم من التحديات، للتأكد من أن روح التطوع ما تزال ذات معنى.
تحدث المنسق التنفيذي عن زيارته إلى اليمن خلال الاجتماع العمومي التالي لموظفي برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين: "يحظى برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين في اليمن باعترافٍ كبير كمقدم خدمات على مستوى منظومة الأمم المتحدة. وقد انعكست الجهود المبذولة لتحديث برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين وإضفاء اللامركزية عليها بوضوح في اليمن، كما أقر شركاء الأمم المتحدة". وتمنى لو أن الفرصة أتيحت لجميع الموظفين المقيمين في بون ليروا بأنفسهم كيف أن سياساتهم تحدث تأثيراً حقيقياً.
وكما يُقال، فإن التجربة خير برهان. لقد ارتفع عدد متطوعي ومتطوعات الأمم المتحدة في اليمن من 11 في عام 2018 إلى 28 في عام 2019، ثم إلى 119 في عام 2020. بحلول عام 2024، كان هناك 150 متطوعاً ومتطوعة مع الأمم المتحدة في البلاد مع 12 كياناً تابعاً للأمم المتحدة.
ما أشعر به اليوم هو شعور بالفخر والإنجاز، ليس فقط للنمو الذي حققته على الصعيد الفردي، ولكن للقوة والمصداقية التي بناها برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين في اليمن.
بعد أكثر من عقد من الأزمات والصراع الذي لم يهدأ، يواجه الشعب اليمني ما قد يكون أكثر الأعوام تحدياً حتى الآن، حيث يؤدي العنف المستمر والصعوبات الاقتصادية والصدمات المناخية إلى تعميق الاحتياجات الإنسانية. وفي الوقت نفسه، تتضاءل قيمة المعونات شديدة الأهمية بسبب التخفيضات الحادة في التمويل.
يستمر المتطوعون في فعل ما يبرعون فيه! التعاطف والتضامن. لذلك لا سجادة حمراء بالنسبة لنا، هنا، في اليمن، لكنها طريق يملؤها إدراكنا لقيمة الغاية التي نسعى إليها.
