المنظمة الدولية للهجرة - اليمن: تغيير بسيط حيث كان الخوف، أصبح هناك أمان

تغيير بسيط حيث كان الخوف، أصبح هناك أمان
مأرب، اليمن
لم تتوقع أمينة المرأة السبعينية، أن تقضي سنواتها الأخيرة بعيداً عن المنزل الذي بنته بحب. كان بيتها يعجُ بالحياة، حيث يلعب أبناؤها وأحفادها، وتملأ ضحكاتهم كل زاوية. لكن في ليلة واحدة، تغير كل شيء.
دوى صوت الغارات الجوية فجأةً، مزلزلاً قريتها. وفي غمضة عين، وجدت نفسها هي وعائلتها المكونة من اثني عشر فرداً يفرون بحياتهم، حاملين فقط ما استطاعوا حمله. وما بدأ كفرار مؤقت تحول إلى سنوات من النزوح، متنقلين من مكان إلى آخر حتى انتهى بهم المطاف في مخيم الجفينة للنازحين في مأرب. لم تتخيل أمينة يوماً أن ليلة واحدة كفيلة بأن تهدم عالمها بأكمله، وتجرها إلى عشر سنوات من المعاناة.
مع عدم توفر المال لاستئجار منزل، اضطر ابن أمينة إلى فعل ما تفعله العديد من العائلات النازحة: نصب خيمة للنساء والأطفال، بينما ينام الرجال في العراء، معرضين للبرد والشمس. حتى أبسط الاحتياجات، مثل الوصول إلى مرحاض، أصبحت تحدياً يومياً. مرة أخرى، كان على العائلة أن تبدأ حياتها من الصفر.
في مختلف أنحاء اليمن، يفتقر أكثر من 40% من النازحين داخلياً إلى مراحيض آمنة وخدمات صرف صحي مناسبة. بالنسبة لعائلة أمينة، كان ذلك يعني استخدام مرحاض بدائي مصنوع من البطانيات والطرابيل البلاستيكية – هيكل هش بالكاد يوفر أي خصوصية، خاصة للنساء والفتيات.
مع غياب المرافق المناسبة، لم يكن أمام نساء العائلة خيار سوى الاستحمام في فناء المنزل، مع الحرص الشديد على ألا يراهن أحد. وبالإضافة إلى غياب الخصوصية، كانت المياه شحيحة، وكان عليهن جلبها في كل مرة يستخدمن فيها المرحاض. ومع وجود الكثير من الأشخاص في المنزل ووجود مرحاض واحد فقط، كان عليهن الاستحمام بالتناوب، مما استغرق ساعات طويلة.
"كنا نضطر لاستخدام المرحاض عند الفجر أو بعد حلول الظلام. كنا نغتسل في الفناء، ونحن في حالة توتر دائم، نراقب المكان خوفاً من أن يرانا أحد." – أمينة، أم نازحة

حياة صحية
بالنسبة لكبار السن مثل أمينة، الذين يعانون من أمراض مزمنة كمرض السكري، فإن الوصول إلى مرحاض مناسب ليس مجرد رفاهية، بل هو ضرورة. فغياب المرافق الصحية المناسبة يزيد من معاناة الفئات الأكثر ضعفاً، خاصة النساء الحوامل اللواتي يواجهن مخاطر صحية جسيمة. وقد رأت أمينة هذه العواقب عن قرب، إذ تقول: "معظم النساء في عائلتي أصبن بمشكلات خطيرة في الكلى."
يصبح الاستحمام تحدياً دائماً خلال موسم الأمطار، حيث يملأ الغبار الهواء ويلتصق بالبشرة قبل أن تجف. وعندما تمطر، يتحول الغبار إلى طين كثيف، مما يجعل من الصعب الحفاظ على النظافة. تظل الملابس والبطانيات رطبة، مما يزيد من الشعور بعدم الراحة. في كل الفصول، تبدو العناية بالنظافة الشخصية معركة لا تنتهي.
لمواجهة هذه الحاجة الملحّة، قامت المنظمة الدولية للهجرة، بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بتركيب مراحيض لعدد 300 عائلة نازحة من الفئات الأكثر ضعفاً في المخيم. على عكس المراحيض البدائية ذات الأسطح المفتوحة، تتضمن هذه المرافق الجديدة أقفالًا آمنة، مما يمنح العائلات الخصوصية والكرامة ويحسن مستوى النظافة.
يعرف ياسر، الابن الأكبر لأمينة، جيداً كيف تؤثر الظروف الصحية السيئة على المجتمع. فبدون حُفَر تصريف مناسبة، كان المخيم يعجّ بالروائح الكريهة، وحالات العدوى التنفسية المتكررة، وأسراب البعوض التي تنشر الملاريا. كثيراً ما كانت مياه الصرف الصحي تفيض إلى المآوي، مما يزيد من صعوبة الحياة.
"عندما كانت حفر التصريف تمتلئ، لم نكن نستطيع النوم أو الأكل حتى يتم تفريغها. في كل مرة، كنا نجمع المال لاستئجار شاحنة لشفط المخلفات. كان هذا مكلفاً، لكن لم يكن أمامنا خيار آخر."
– ياسر، ابن أمينة

من مواجهة الخطر إلى بر الأمان
مع وجود أكثر من 14,000 عائلة نازحة تعيش في المخيم، بدأ الناس في إنشاء حُفر تصريف خاصة بهم أينما استطاعوا. بعضها كان قريباً جداً من المآوي، بينما تم تغطية البعض الآخر على عجالة وبُني فوقه. خلال الليل، تحولت هذه الحفر المكشوفة إلى فخاخ خفية تهدد حياة السكان.
حتى الرجال كانوا يتجنبون المشي أو القيادة بعد حلول الظلام لأن حفر التصريف المفتوحة كانت في كل مكان،" يقول ياسر. "كان الناس يتشاجرون حول تصريف المياه، وبعض هذه المشاجرات كانت تتحول إلى عنف."
ولتخفيف هذه الأزمة، قامت المنظمة الدولية للهجرة ببناء 200 حفرة تصريف جديدة، إلى جانب ترميم 400 حفرة أخرى. بالنسبة لعائلة أمينة، لم يكن الأمر مجرد تحسين للصرف الصحي، بل كان يعني قضاء ليالي أقل قلقاً من احتمالية فيضان مياه الصرف الصحي إلى داخل مأواهم، وعدداً أقل من الأمراض، والقدرة على تنفس هواء نقي من جديد.


بداية جديدة
اليوم، لم يعد ياسر بحاجة إلى منع أطفاله من اللعب في الخارج خوفاً من الوقوع في مخاطر غير متوقعة. ولم تعد العدوى المتكررة التي استنزفت طاقتهم وأموالهم معركة يومية. المراحيض أصبحت آمنة ومغطاة، وتوفر أخيراً الخصوصية التي افتقدتها العائلات لسنوات. قد لا يكون هذا هو المنزل الذي غادروه، لكن لأول مرة منذ سنوات، يشعرون أن الحياة بدأت تتحسن.
"لفترة طويلة، كنت أتمسك بالأمل في العودة إلى منزلنا، حيث كان لدينا مرحاض مناسب،" تقول أمينة. "كنت أقلق بشأن متى وأين يمكننا الذهاب إلى المرحاض، وبشأن خوف أحفادي منه، وبشأن تسلل الروائح إلى مأوانا. أما الآن، فلم أعد كذلك. الأمور أصبحت أفضل، ويمكننا أخيراً العيش بكرامة."
