برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - اليمن: الإدارة المتكاملة للموارد المائية نحو تعزيز الأمن الغذائي في اليمن

في ظل معاناة اليمن المستمرة من الآثار المدمرة للصراع الذي طال أمده، وتغير المناخ، وندرة المياه، أصبحت الحاجة إلى حلول متكاملة ومستدامة لحماية موارده الثمينة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. واستجابةً لذلك، يُحرز مشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية لتعزيز مرونة الزراعة والأمن الغذائي (IWRM-ERA)، التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقدماً ملحوظاً في مجال إدارة المياه، وتحسين الإنتاجية الزراعية، ودعم سُبل العيش.

بتمويل سخي من الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، من خلال بنك التنمية الألماني، يتم تنفيذ مشروع إدارة الموارد المائية المتكاملة - إعادة تأهيل القطاع الزراعي في مديريتي تبن والمسيمير في محافظة لحج، والمواسط والصلو في محافظة تعز، ويسترشد برؤية واضحة: تعزيز الأمن الغذائي والمرونة الزراعية في اليمن من خلال ضمان إدارة عادلة وفعالة ومستدامة للموارد المائية.

المياه: نقطة انطلاق الانتعاش الزراعي

يُعدّ اليمن من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه. ومع استخدام أكثر من 90% من موارد المياه المتاحة في الزراعة، فإنّ عدم كفاءة المياه ونضوبها لا يُهددان المحاصيل فحسب، بل يُهددان أيضًا بقاء المجتمعات الريفية.

يقول السيد أحمد الزامكي، وكيل وزارة الزراعة والري والثروة السمكية: "يلعب المشروع دوراً حيوياً في تطوير الموارد المائية للزراعة".

ويُضيف: "نهجه المُركّز على مستجمعات المياه عملي وقابل للتكرار، وما يُميّزه هو تصميمه التشاركي - من جمع البيانات إلى التدخلات المُنسّقة. فهو يدعم تحسين استخدام المياه السطحية، ويُقلّل من نضوب المياه الجوفية، ويُساعد على تحسين سُبل عيش أولئك الذين يعتمدون على الموارد الطبيعية".

من خلال تقييمات التوازن المائي الهيدرولوجي، يقوم المشروع برسم خرائط وتحليل أحواض المياه لفهم القضايا التي تؤثر على توفر المياه بشكل أفضل. تُعد هذه البيانات بالغة الأهمية للسلطات المحلية والمزارعين لاتخاذ قرارات مدروسة بشأن مواقع حصاد المياه المحتملة واستراتيجيات الحفاظ على المياه. يقول قائد درويش، المدير العام للموارد المائية بوزارة المياه والبيئة: "البيانات والتقييمات الهيدرولوجية ضرورية لفهم مصادر المياه في اليمن، وأنماط استخدامها، والمخاطر المستقبلية". ويضيف: "إنها تُرشد عملية صنع القرار على المستويين الوطني والمحلي - بدءً من توزيع المياه بشكل عادل، ومروراً بالتخطيط للزراعة، ووصولًا إلى الاستعداد للتحديات المناخية كالجفاف والفيضانات".

تحسين البنية التحتية وتمكين المؤسسات المحلية

يركز المشروع أيضاً على إعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية للمياه، مثل قنوات الري، وأنظمة حصاد المياه، ومرافق التخزين. صُممت هذه التحسينات لتحسين الوصول إلى المياه وموثوقيتها لصغار المزارعين وحدائق الطعام النسائية، وهي مصادر أساسية للتغذية والدخل للأسر الريفية.

إلى جانب البنية التحتية المادية، يستثمر مشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية بشكل كبير في القدرات المؤسسية. فمن خلال تدريب جمعيات مستخدمي المياه المحلية وقادة المجتمع، يُسهم المشروع في بناء نظام حوكمة للمياه يتسم بالتشاركية والشمول والمرونة.

في العديد من المناطق الريفية، تُعدّ المرأة جوهر إنتاج الغذاء المنزلي. وإدراكاً لهذا، يُقدّم المشروع أيضًا تدريباً مُصمّماً خصيصاً للمزارعات، ويدعم إنشاء حدائق منزلية، حيث يُمكن للنساء زراعة محاصيل مغذية لأسرهن وللأسواق المحلية.

تعزيز الوصول إلى الأسواق وسبل العيش المستدامة

يدمج مشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية - إدارة الموارد المائية في المناطق الجافة التمكين الاقتصادي مع الأمن المائي، ويربط صغار المزارعين والمنتجات بالأسواق المحلية وسلاسل القيمة.

بدعم من الشركاء المحليين، يُعزز المشروع تعاونيات المزارعين، ويُسهّل الوصول إلى الأدوات والبذور والتقنيات الذكية مناخياً. وبذلك، يُحسّن المشروع الإنتاجية ويُساعد في بناء سبل عيش زراعية مرنة قادرة على الصمود في وجه الصدمات المناخية والاقتصادية.
 

استشراف المستقبل: نموذجٌ للمرونة

مع احتفال العالم باليوم العالمي للمياه للعام ٢٠٢٥، تُبرز تجربة اليمن أهميةَ الإلحاح وتُلهم في آنٍ واحد. يُظهر مشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية - إدارة الموارد المائية في حالات الطوارئ (IWRM-ERA) كيف يُمكن للنهج المتكاملة للمياه والزراعة والحوكمة أن تُحقق نتائج ملموسة - ليس فقط للمحاصيل والدخل، بل أيضًا لمجتمعاتٍ سلميةٍ ومنتجةٍ ومستقبلٍ أكثر أمناً.