منظمة العمل الدولية - اليمن: الشاب هلال: من الهامش إلى الإتقان

--
في أعماق جبال محافظة تعز، عاش هلال غالب حياةً بسيطة تتسم بالصعوبات. كان شاباً طموحاً، لكن ظروف الحرب والفقر حالت دون تحقيق أحلامه. ينتمي هلال إلى فئة المهمشين في مجتمع الشعبة بمديرية المعافر، ويعيش مع أسرته المكونة من 10 أفراد في ظروف معيشية صعبة. كان والداه مقعدان ولم يكن لدى أي فرد من أسرته أي مصدر دخل، مما جعلهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي والحرمان من أبسط الاحتياجات الحياتية.
كان هلال يحصل على المراكز الاولى في مدرسته لكن اضطراره الى تحمل مسؤولية إعالة أسرته دفعته لكسر طموحه التعليمي والتضحية بمستقبله العام ويختفي عن فصول التعليم مبكراً. فاشتغل بالزراعة مع أحد القرويين لثلاث سنوات واشترى بالأجور دراجة نارية ظل يعمل بها في نقل الركاب لأربع سنوات أخرى توقف بعدها لتأثر صحته بذلك العمل، ايظل بعدها بدون عمل ولا يجد ما يعول به اخوته.
بدا حاضر هلال قاتماً لفترة، لكن ظهر بصيص أمل عندما دخل الى حياته برنامج التلمذة المهنية الذي يهدف إلى تمكين الشباب مهنياً واقتصادياً، وقدم لهلال فرصة مناسبة لتغيير حياته. بمجرد أن سمع عن برنامج التلمذة المهنية، المدعوم من الصندوق الاجتماعي للتنمية وتمويل منظمة العمل الدولية والاتحاد الأوربي والحكومة السويدية. قال بعد أن اجتاز مرحلتي التسجيل والمقابلة "ما توقعت أنهم يقبلوني لأني مهمش لكن البرنامج اتصلوا بي وقابلوني واخترت أدخل مهنة صيانة الاجهزة المنزلية لان عليها طلب كبير من اهالي القرية وما حولها. كنت اشوف هذا الطلب في عملي السابق في التوصيل بالدراجة النارية."
اكتشاف الشغف:
التحق هلال بالبرنامج الذي ضم المهارات التأسيسية والمهارات التخصصية ثم التطبيق العملي في الورشة بمعية معلم حرفي لشهرين، وخلال ذلك اكتشف شغفاً كبيراً بهذا العمل. كان يشعر بسعادة غامرة وهو يتعلم المهارات الجديدة، ويستمتع بمعرفة كيفية إصلاح الأشياء وإعادتها إلى الانتفاع.
البداية من الصفر:
وفي وسط التدريب، سمع هلال أن البرنامج سيقدم حقيبة أدوات مهنة لكل من يفتح له ورشة عمل ويبدأ عمله الخاص. لم يكن لدى هلال وأسرته أي مبلغ لفتح ورشة لكن كانت له ثروة من الشغف والأحلام جعلته يفكر على عكس طريقة الآخرين. بفضل المعرفة ومهارات التفكير التي اكتسبها من خلال البرنامج، قرر أن يبدأ من الصفر حرفيا. فباستخدام مخلفات الطرابيل البلاستيكية والأكياس الكبيرة المرمية وجذوع الأشجار الجافة، تمكن من بناء ورشة عمل بسيطة جوار منزله. لم يكن لديه شيئا من الأدوات، لكن حقيبة الأدوات التي حصل عليها من البرنامج كانت كافية لبدء عمله.
نجاح يتجاوز التوقعات:
لم يمض وقت طويل حتى بدأ الناس في القرية يأتون إلى ورشة هلال لإصلاح أدواتهم الكهربائية بدلا من السفر بها الى المدينة. وسرعان ما انتشر خبر إنشائه ورشته وانتهاء تدريبه في قريته والقرية المجاورة، وبدأ الزبائن يتوافدون عليه بأجهزتهم التي تعاني الخلل. وقال "أصبحت الآن مهندس أجهزة وأسوق عملي على وسائل التواصل الاجتماعي والتواصل المباشر والمقابلات مع أهل البلاد، وأحلم الآن بأن أطور ورشتي وأوسعها."
بفضل شغفه وعمله الدؤوب، نجح هلال في بدء تحقيق دخل ثابت لعائلته واستخدام أجوره في شراء أهم احتياجاتهم خاصة الغذاء الأساسي خلال هذه المرحلة.
أفاد هلال أن ورشته الآن لا ينقصها سوى توفر الكهرباء وهذا مككن لو وفر البرنامج منظومة الطاقة الشمسية المناسبة له حتى يتقن عمله على أكمل وجه في فحص كفاءة عمل الأجهزة وتحديد الأعطال دون أن يظطر الى نقل الاجهزة الى حيث توجد مصادر كهرباء.
أكثر من مجرد رزق:
لم يقتصر تأثير مشروع هلال على تحسين أوضاعه المادية فقط، بل امتد إلى المجتمع بأكمله. فقد أصبح مثالاً يحتذى به للشباب في قريته بعد أن أصبح أول من ينشئ ورشة هناك، وألهم الكثيرين منهم بقصة تمسكه بفرص التعلم والعمل وانشاء ورشته الصغيرة وكيف ربط بينهما ليصنع لنفسه وأسرته مستقبلا أفضل مع المزيد من العمل بجد.
يعتبر توفير التدريب المهني ودعمه بسلسلة من عناصر الربط الهادفة لتمكين المتدربين من بدء أعمالهم أداةً فعالةً لمشروع التلمذة المهنية من أجل تمكين الشباب في مكافحة آثار الأزمة الإنسانية الكبيرة في اليمن. ومن خلال ذلك، تمكن العديد من المتدربين الشباب من إثبات أنفسهم وتحقيق حياة كريمة لأسرهم في أفقر المناطق، بالإضافة إلى دور مجتمعاتهم وأسرهم في دعمهم لمواصلة عملهم.