المنظمة الدولية للهجرة - اليمن: بذور الأمل - سلسلة تحكي قصص صمود يمنية عبر تقنية إيقاف الحركة
--
صنعاء، اليمن
في ورشة متواضعة في شمال اليمن، حيث تَحدُ التقاليد الراسخة من أدوار النساء، انطلق مشروع رائد بهدوء ليحكي قصصاً عن الصمود والنزوح وقوة العزيمة. "بذور الأمل"، هي أول سلسلة رسوم متحركة بتقنية إيقاف الحركة في اليمن، لم تكن مجرد سلسلة رسوم متحركة، بل كانت وسيلة لسرد قصص عن قوة الإنسان اليمني.
نُفذَ هذا المشروع عبر تعاون بين المنظمة الدولية للهجرة وشركة الإنتاج "شبكة الإنتاج اليمنية"، ورغم التحديات العديدة التي واجهت تنفيذ هذا المشروع – من شُحّ الموارد إلى العوائق الثقافية – كان التفاني المطلوب للتغلب على هذه العقبات دقيقاً وصعباً مثل خطوات إحياء كل لقطة في هذا العمل الفني.
"لم نكن نعمل على مشروع عادي"، هكذا تحدث سميرة، وهي معلمة فنون سابقة وأصبحت الآن مصممة جرافيك بتقنية إيقاف الحركة وتعمل مع شبكة الإنتاج اليمنية. " كانت هذه فرصتنا لإظهار قوة الشعب اليمني، وخاصة النساء. لكن تحقيق هذا الأمر لم يكن سهلًا."
البداية
تم إنشاء موقع تصميم سلسلة بذور الأمل في ورشة عمل مخصصة للنساء فقط، التزاماً بالعادات الثقافية في المنطقة. إذ لم يكن بوسع أعضاء الفريق من الرجال – بمن فيهم المُنتج التنفيذي للمشروع، مُحي الدين، ومهندس الصوت مُعتز، والمصورون وفنيو الإضاءة – الوصول إلى موقع العمل. وبدلاً من ذلك، تحملت نساء في فريق العمل، مثل سميرة، المسؤولية الكاملة لتصميم وبناء العالم المُصغر دقيق التفاصيل الذي خرجت منه هذه السلسلة إلى النور.
كانت ورشة العمل بيئة نابضة بالحياة لكنها أيضاً مليئة بالتحديات. تقول سميرة: "في بعض الأحيان، لم تكن بعض زميلاتنا قادرات على التواجد لساعات طويلة، القيود الثقافية حدت من توافرهن للعمل. بينما كانت أخريات مشغولات برعاية أطفالهن الصغار أو الرُضّع. هذا يعني أن بعضنا كان عليهن العمل لساعات إضافية للحفاظ على سير المشروع كما يجب."
أصبحت بقايا الإسفنج والأقمشة وقطع الكرتون اللبنات الأساسية لإبداعاتهن. كثيراً ما كانت يدا سميرة ملطختين بالطلاء أو الصمغ بينما كانت تصنع أشكال الصخور، وتطلي الجدران، وتخيط الخيام الصغيرة.
وتضيف سميرة: "طلبنا من المنظمة الدولية للهجرة مراجعة تفاصيل العمل لضمان أن تكون واقعية. ولأني أعمل في المجال الفني، عندما أرسم شيئاً على الورق، تكون كل التفاصيل مهمة. بعد ذلك، أصبح التحدي أن نحول تلك التصاميم إلى عالم ملموس. إذا لم أشعر أن التفاصيل واقعية، لم أكن أشعر بالرضا حيال العمل." – سميرة، مصممة جرافيك
بث الحياه في شخصيات السلسلة
مثلت شخصيات السلسلة هذه الأعمدة الرئيسية فيها، وكانت كل شخصية مستوحاة من قصص حقيقية في اليمن. عائشة، الفتاة الصغيرة التي تنشر رسوماتها الأمل في مجتمعها، كانت نموذجاً للأطفال النازحين الذين رأتهن سميرة في حيّها. وتقول: "فكرت في الأطفال الذين كنتُ أعلمهم في الماضي. الكثير منهم كانوا يحلمون بأن يصبحوا أطباء أو مهندسين أو رياضيين يوماً ما، لكن ظروفهم منعتهم من تحقيق ذلك."
بالنسبة لرنا، وهي خريجة تخصص تصميم الجرافيك وتبلغ من العمر 21 عاماً، كان العمل على شخصية عائشة تجربة شخصية للغاية. فقد نشأت في ظل الصراع في اليمن، وشعرت أن قصة عائشة تعكس تجاربها الخاصة.
تقول رنا: "عندما قمت بتحريك المشهد الذي تجلس فيه عائشة تحت مبنى متصدع وهي تحتضن صورة لعائلتها، لم أستطع إلا أن أشعر بنفس المشاعر التي انتابتني عندما اندلعت الحرب." وتضيف: "الأصوات الخافتة للقنابل في الخلفية أعادت إليّ ذكريات الخوف وعدم اليقين."
عملت المرأتان معاً على كل التفاصيل، بدءاً من ملابس عائشة ووصولاً إلى تعابير وجهها. توضح رنا: "جعل حركاتها تبدو واقعية كان أمراً صعباً، لكن التحدي الحقيقي والأهم بالنسبة لي كان التقاط مشاعرها، أردتها أن تعكس مشاعري".
لحن الصمود
خلال التصوير، ركزت رنا وسميرة على إتقان الجوانب البصرية، بينما عمل معتز خلف الكواليس على تصميم موسيقى تصويرية تجسد روح اليمن. أضافت عملية مزج الألحان التقليدية اليمنية مع المؤثرات الصوتية المحيطة، عمقاً وأصالة إلى المشروع.
يقول معتز: "كان من الصعب الحصول على كل ما أحتاجه. لم تكن ميزانيتنا كافية لإنتاج موسيقى أصلية، لذلك عملت بما هو متوافر. وكان الهدف أن تشعرك الموسيقى بأنها جزء حقيقي من القصة ."ولضمان توافق الصوت مع النغمة العاطفية للسلسلة، انغمس معتز في النص، وقرأه عدة مرات ليفهم روح كل شخصية.
ويوضح قائلًا: "جلست مع ممثلي الأداء الصوتي قبل أن يلقوا نظرة على النص. شرحت لهم القصة، وعرضت عليهم المقاطع المصورة، وساعدتهم على التواصل مع شخصياتهم. لم يكن الأمر مجرد قراءة حوارات – بل كان إحياءً لهذه الشخصيات."
لحظات الإنجاز
كل لقطة تم إنجازه كان انتصاراً للفريق. بالنسبة لسميرة، كانت هذه الرحلة تعليمية بقدر ما كانت إبداعية. تعترف قائلة: "لم أكن أعرف الكثير عن المهاجرين ولماذا هم في اليمن،" مستذكرة عملها على شخصية دوايت، المهاجر الإثيوبي.
تضيف: "لأجعل شخصية دوايت واقعية، كان عليّ أن أفهم قصته." غاصت سميرة في النص، بحثت عبر الإنترنت، وشاهدت مقاطع مصورة. وتقول: "صدمت عندما علمت أنهم يقطعون مسافات طويلة جداً سيراً على الأقدام. رؤية دوايت ينبض بالحياة على موقع التصوير جعلت الأمر واقعياً – لقد عكس حقاً الرحلات المذهلة التي يخوضها المهاجرون لتحسين حياتهم."
"بالنسبة لرنا، كانت اللحظة الأكثر تأثيراً هي تحريك المشهد المحوري لعائشة، عندما تلتقط قلمها وتبدأ بالرسم.
"جسدت تلك اللحظة كل ما أردنا إيصاله عن الأمل. لم يكن الأمر يتعلق بها فقط – بل كان يتعلق بنا جميعاً."– رنا، مصممة جرافيك
رسالة أمل
تمحور هذا العمل حول الصمود والإبداع وسرد القصص. وتقول رنا: " لقطة بعد لقطة ، حكينا قصتنا وغرسنا بذوراً من أجل مستقبل أفضل." أما بالنسبة لسميرة، فقد كان المشروع نقطة تحول في حياتها. تضيف: "تعلمت ما هو ممكن عندما يتكاتف الناس لهدف مشترك. أتمنى أن يلهم هذا العمل الآخرين ليؤمنوا بأنفسهم، حتى لو كانت بدايتهم بسيطة."
ترك هذا الإحساس بالهدف المشترك أثراً عميقاً لدى جميع المشاركين. بالنسبة للمبدعين، كانت "بذور الأمل" أكبر من مجرد عمل تحريك فني – بل كانت جسراً يربط بين اليمن والعالم. يقول مُحي، المنتج التنفيذي: "أظهر هذا المشروع ما يمكن تحقيقه عندما يكون لديك شغف وهدف. أشعر بالفخر بما أنجزناه، رغم كل التحديات."
شاهد الآن سلسة بذور الأمل كاملة هنا