يونيسف - اليمن: الأثر المستمر للصراع على البيئة التعليمية للأطفال في اليمن

الكفاح من أجل خلق بيئة أكثر أمانًا في المجتمعات النائية وسط أزمة إنسانية
في أعماق جبال رازح الشاهقة في محافظة صعدة، شمال اليمن، يواجه الأطفال في المجتمعات الصغيرة تأثيرات طويلة الأمد للصراعات المتكررة. يظل إيصال المساعدات والخدمات الأساسية محدوداً في هذه المناطق التي لا يمكن الوصول إليها إلا عبر رحلة برية تستغرق حوالي سبع ساعات من مدينة صعدة الرئيسية عبر تضاريس وعرة، متجنبة الجسور والطرق المدمرة بسبب الغارات الجوية.
على وجه الخصوص، يتحمل الأطفال عبء محدودية الفرص التعليمية ومن تدمير المنشآت المدرسية خلال سنوات طويلة من الصراع. تمثل مدرسة الإمام الهادي مثالًا صارخًا، إذ لا تزال تستقبل مئات الطلاب على الرغم من تعرضها للقصف وتحولها إلى هيكل خرساني بلا سقف أو جدران.

يقول حسين يحيى، مدير المدرسة: "تعرضت المدرسة للقصف من طائرة في عام 2009 خلال الحرب السادسة. ومنذ ذلك اليوم حتى الآن، بقيت كما ترونها. كنا نأمل أن يعاد بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، لكن الظروف أجبرتنا على إبقائها كما هي." وأوضح أن بعض الطلاب تركوا المدرسة أو توقفوا عن التعليم تمامًا.
"البيئة التعليمية لها تأثير كبير على الحالة النفسية للطلاب، وتحتاج المدرسة إلى إعادة بناء وتأثيث."
يجلس الطلاب على الأرض الخرسانية بلا طاولات أو كراسي أو حتى ألواح دراسية (سبورة)، ويؤدون امتحاناتهم على الأرض التي غالبًا ما تكون مبللة بسبب المطر. الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة تثير مخاوف من انهيار الهيكل الضعيف.

يقول عبد الملك، الطالب في الصف الثامن،: "نحن نتعرض للشمس والبرد والمطر. والأوساخ والحجارة في كل مكان. عندما تهطل الأمطار بغزارة علينا، نتوقف عن الدراسة. نعم، الأمر صعب. والداي يقلقان حتى أعود إلى المنزل. يخافان أن أسقط من أحد أعمدة المدرسة المدمرة أو أعود مريضًا."
تعيش هذه المجتمعات في أعالي المناطق الجبلية على الحدود مع السعودية، وتعاني من مصادر معيشية محدودة. تعمل معظم العائلات القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي، بينما يشارك الأطفال، بما في ذلك عبد الملك، في مساعدة أسرهم أو يقضون ساعات طويلة في جلب المياه بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة في المنطقة. وعلى الرغم من التحديات والمخاوف، يأتي حوالي 500 طالب إلى المدرسة يوميًا، محافظين على رغبتهم القوية في التعلم.

"أحب الذهاب إلى المدرسة للدراسة ومقابلة أصدقائي. التعليم مهم لبناء مستقبلي وتحقيق أحلامي."
يقول عبد الملك
يحاول الآباء وأفراد المجتمع دعم الأطفال. لقد بذلوا جهودًا لتحسين ظروف المدرسة بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول بالطابق الأول. ومع ذلك، فإن الدمار كبير لدرجة أن المدرسة تحتاج إلى دعم شامل لإعادة تأهيل البيئة التعليمية وخلق مساحة آمنة ومناسبة للتعلم.
الصراع وانهيار أنظمة التعليم كان لهما تأثير عميق على البيئة التعليمية للأطفال في اليمن. في جميع أنحاء البلاد، تعرضت 2,426 مدرسة لأضرار جزئية أو كلية أو أصبحت غير صالحة للاستخدام. واحد من كل أربعة طلاب في سن المدرسة لا يرتاد المدرسة. أما الذين يستطيعون الذهاب إلى المدرسة، فيضطرون إلى التعامل مع مرافق غير مجهزة ومعلمين مثقلين بالأعباء، وغالبًا لا يتلقون رواتبهم بانتظام.

تدعم اليونيسف هذا العام إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في اليمن. كما تقدم حوافز لأكثر من 39,000 معلم لمواصلة توفير التعليم الجيد. أما بالنسبة لمدرسة الإمام الهادي، فسيتم توفير الكراسي والمكاتب والسبورات لتحسين ظروفها. لكن لاستعادة المدرسة بالكامل أو بناء بيئة مدرسية أكثر أمانًا للأطفال، هناك حاجة إلى موارد إضافية.
يقول عبد الملك: "أتمنى أن تُبنى المدرسة وتُؤثث. أريد أن تكون مجهزة بمساحات صحية، ومقاعد، وسبورات، وأبواب ونوافذ، لأنه ليس لدينا شيء. أتمنى أن تتحسن أوضاعنا حتى أتمكن من الوصول إلى مستويات تعليمية أعلى."