المنظمة الدولية للهجرة - اليمن: انتزاع الكرامة من قلب المحن - التعامل مع الإعاقة في مخيمات النزوح باليمن
--
مأرب، اليمن
منذ اندلاع الصراع في اليمن، أصبحت محافظة مأرب ملاذاً لآلاف النازحين جراء العنف وعدم الاستقرار. وعلى مدى العقد الماضي، توافدت موجات من العائلات بحثاً عن الأمان، مضيفةً تحديات جديدة إلى بيئة مضطربة بالفعل.
ومن بينهم سالم، الأب الذي فرّ من منزله في الحديدة مع زوجته وأطفاله قبل عامين، هرباً من تصاعد الصراع. كانت حياة عائلة سالم مستقرة، حيث كان يعتمد على دراجته النارية لكسب قوتهم اليومي.
صمد سالم أمام التحديات، محاولاً الحفاظ على نمط حياة طبيعي لأسرته. ولكن هذا الثبات واجه اختباراً قاسياً عندما اندلعت الحرب في مدينته، حيث حطمت ضربة صاروخية وقعت بالقرب من منزله المتواضع، الحياة التي بنتها عائلته.
ولجأ سالم وأسرته إلى موقع الُخسيف في مأرب، الواقع على أراضي قاحلة، آملاً في إعادة بناء حياتهم. وكغيرهم من النازحين، تركوا خلفهم كل شيء، ولم يتحقق حلمهم بالعيش في منزل مستقر. لم يتخيل سالم أبداً أن يكون مضطراً لبناء مأوى من العِصي والخرق البالية.
معركة جديدة
تعمقت المصاعب عندما واجه سالم تدهوراً صحياً غير متوقع. بعد تلقيه حقنة روتينية، بدأ يفقد السيطرة على ساقيه، وفي غضون عام، أصبح مشلولاً. نصحه الأطباء بالعلاج في الخارج، لكن التكاليف كانت أكثر مما يستطيع تحمله.
يقول سالم: "أخشى على أطفالي من تلقي الحقن إذا مرضوا، لا أريدهم أن يمروا بما مررت به."
ومع عدم قدرة سالم على العمل، تغيرت الأدوار داخل الأسرة بشكل جذري. تولت حسناء، زوجته، دور المعيل الأساسي، وانضمت إلى فريق الحماية التابع للمنظمة الدولية للهجرة كمتطوعة، مما وفر استقراراً لعائلتها في هذه الظروف الصعبة.
وبينما كانت تحاول الموازنة بين عملها ورعاية زوجها، كانت حسناء تتواصل مع سالم أثناء زيارتها لعائلتها في الحديدة. ثم تلقى سالم يوماً نبأً مفجعاً: حسناء توفيت فجأة.
"فقدان زوجتي بشكل مفاجئ تركني في حالة من اليأس؛ كانت سندي الوحيد." – سالم، أب نازح
قوة غير مرئية
كون سالم فرد واحد من 4.5 مليون شخص من ذوي الإعاقة في اليمن، أصبح يواجه تحديات مستمرة للوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية ومصادر المياه والمراحيض، والتي غالباً ما تكون مشتركة مع الآخرين وغير مهيأة. وتضيف التضاريس الرملية في موقع النزوح المزيد من الصعوبة على تنقله.
ابن سالم، البالغ من العمر أربعة عشر عاماً فقط، تحمل مسؤوليات تتجاوز عمره. حيث بدأ العمل في مزرعة قريبة منه خلال موسم حصاد البصل وأحياناً كان يستأجر دراجة نارية للعمل تحت الشمس الحارقة، متشبثاً بالأمل لأجل أسرته.
في الوقت نفسه، اضطرت شفيقة، ابنة سالم المراهقة، أن تحل محل والدتها. أيامها التي كانت مخصصة للتعلم واللعب أصبحت مليئة برعاية أشقائها الصغار. وتدير شؤون المنزل بأفضل ما تستطيع، وتُعدُ وجبات الطعام بما يتوفر لديهم من موارد قليلة. كما تعتني بوالدها، وتساعده في التنقل، وتحرص على تلبية احتياجاته."
تقول شفيقة: "أشعر بالسعادة لرعاية والدي، لكني أخشى فقدانه كما فقدنا والدتي."– شفيقة، ابنة سالم
حفظ كرامة الجميع
كرّست المنظمة الدولية للهجرة جهودها لتلبية الاحتياجات الأساسية للأشخاص ذوي الإعاقة، مدركة التحديات الفريدة التي يواجهونها. ومن خلال فريق الحماية، تقدم المنظمة مساعدات نقدية للمساهمة في تغطية النفقات الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية والمواصلات، مما يتيح لهذه الأسر العيش بكرامة. كما تقوم المنظمة بتوزيع حقائب النظافة الشخصية المحتوية على مواد النظافة الأساسية لتلبية الاحتياجات الأساسية، مع تعزيز الاحترام والشمولية داخل المجتمع.
وبالنسبة لسالم وأطفاله، شكّلت مساعدات المنظمة خطوة نحو الاستقرار؛ إذ وفرت لهم مأوىً انتقالياً آمنًا يحفظ الخصوصية، ويوفر الحماية من الرياح العاتية والحيوانات الضالة، ليمنحهم شعوراً بالسلام في ظل حالة عدم اليقين التي يعيشونها.
علاوة على ذلك، أنتجت ورشة عمل تابعة لوحدة إدارة المخيمات وتنسيق أنشطتها بالمنظمة الدولية للهجرة في مأرب معدات أساسية لتسهيل الحياة اليومية وجعلها أكثر ملاءمة للأشخاص ذوي الإعاقة. ففي عام 2024 وحده، استفاد أكثر من 130 شخصاً من معدات تتضمن الأسرّة، ومجموعات دورات مياه مصنوعة حسب الطلب، وكراسٍ متحركة مصممة خصيصاً لتعزيز استقلاليتهم ومنحهم شعوراً متجدداً بالحرية.
تعزيز الشمولية
مارساني*، مساعدة مشاريع ضمن فريق الحماية التابع للمنظمة، تكرس نفسها لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة منذ أكثر من ست سنوات. حيث تؤمن أن مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة يمنحهم الثقة والاستقلالية ويحسن من جودة حياتهم.
خلال زياراتها لمواقع النزوح، تركز مارساني على مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة على إيجاد مكان لهم داخل مجتمعاتهم، وتقديم الدعم النفسي لهم على طول الطريق. ولمكافحة التمييز، تَعقِد فرق المنظمة جلسات توعية لدعم الأفراد ذوي الإعاقة وتُفيد أسرهم، مما يبني أساساً للتعاطف.
تقول مارساني: "مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة تمنحهم إحساساً بالقوة والاتصال، ويشعرون بأن هناك من يهتم برفاهيتهم."
*تم تغيير الاسم لأسباب تتعلق بالحماية.
نُفِذ هذا الدعم للأفراد ذوي الإعاقة بفضل دعم من مكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ضمن إطار أنشطة الحماية الخاصة بالمنظمة الدولية للهجرة في اليمن.
#اليوم_الدولي_للأشخاص_ذوي_الإعاقة