المنظمة الدولية للهجرة - اليمن: ثمن النزوح - استخدام آلية الاستجابة السريعة لتقديم الإغاثة
--
الساحل الغربي، اليمن
بالقرب من جبال موزع الجميلة، تمكنت صفية من بناء حياة جديدة بعد سنوات من الكفاح والنزوح. اضطرت للفرار مع أسرتها منذ ست سنوات بسبب الصراع. سكنت صفية في السابق بقرية مجاورة لمكان نزوحها الحالي. ومنذ وفاة زوجها أخذت على عاتقها مسؤولية تربية أطفالهما الستة بمفردها، مصممةً على بناء مستقبل أفضل لهم.
وعندما وصلوا إلى موزع للمرة الأولى كانت الحياة صعبة، وكان الانتظام في المدرسة يُعدُ رفاهية بعيدة المنال. واعتادت الأسرة على استعارة حمار لتمكين ابنتهم ملاك البالغة من العمر 14 عاماً من جلب الماء والمساعدة في المهام المنزلية، وهذا لم يترك لها وقتاً للذهاب إلى المدرسة. ومع ذلك، تحسنت الأمور عندما تلقت صفية أول دفعة نقدية من المنظمة الدولية للهجرة.
وبسبب رغبتها الشديدة في منح أطفالها التعليم الذي يستحقونة، سارعت بتسجليهم في المدرسة القريبة منهم. والآن، تذهب ملاك إلى المدرسة يومياً بفخر وحماس. وتمكنت صفية من تغطية النفقات الأساسية للمنزل ودفع تكاليف علاجها بما تبقى لها من المال.
آلية الاستجابة السريعة
تلقت الأسرة أيضاً حقيبة الاستجابة السريعة التي كانت شريان حياة للأسر النازحة حديثاً. تقدم هذه المبادرة، التي تقودها الأمم المتحدة وتشارك في قيادتها المنظمة الدولية للهجرة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، دعماً سريعاً لإنقاذ حياة المتضررين من الصراع المسلح والأحداث الجوية القاسية. تحتوي حقائب الاستجابة السريعة على مواد أساسية مثل البسكويت عالي الطاقة، والتمر، وحقائب النظافة الأساسية، وحقائب النظافة للنساء، وفلاتر مياه من السيراميك، والبطانيات. وتقدم هذه المواد لتلبية الاحتياجات الفورية للأسر النازحة لمدة تصل إلى سبعة أيام.
بعد هذا الدعم الأولي، تقدم آلية الاستجابة السريعة مساعدات نقدية مُتعددة الأغراض في فترة تتراوح ما بين 14 إلى 21 يوماً، وهذا يسمح للأسر تلبية احتياجاتهم المستمرة حتى يتم العثور على حلول طويلة الأجل. بالإضافة إلى ذلك، يتم التحقق من الأسر التي تتلقى دفعة لمرة واحدة لتحديد أهليتهم لجولات إضافية من المساعدات النقدية بناءً على تقييم مواطن الضعف. وتشعر صفية بالامتنان والشكر لأنها تسلمت الأقساط النقدية التي مكنتها من دعم أطفالها ودعم أفراد أسرتها الممتدة التي تضم 23 فرداً، بمن فيهم عدة أحفاد."
"تعمل الآلية عبر عملية منظمة: يتم شراء المواد وتخزينها وتجهيزها مسبقاً في مختلف أنحاء البلاد، وتتحرك فرق آلية الاستجابة السريعة في غضون 72 ساعة من وصول البلاغ بشأن النزوح. ويشمل هذا الدعم السريع توزيع مواد الإغاثة والمساعدات النقدية في الوقت المناسب للأسر الأكثر ضعفاً.
في عام 2023 فقط، وصلت المنظمة الدولية للهجرة إلى ما يقرب من 11,000 أسرة بتقديم المساعدات النقدية متعددة الأغراض لمرة واحدة في حالات الطوارئ، وهذا يبرز الأثر الكبير للبرنامج. تغطي آلية الاستجابة السريعة الاحتياجات الفورية للحفاظ على الحياة وتُساعد الأسر على حفظ كرامتها واستقرارها خلال الأزمات.
ومثل أي أم، تحتفظ صفية بآمال كبيرة لأطفالها. ويعمل ابنها الأكبر في صنع الفحم، وهذا يوفر مصدر دخل إضافي للأسرة، وتأمل صفية أن يساعد ذلك في تحقيق حلمها في فتح متجر صغير لابنها البالغ من العمر 14 عاماً. يواجه ابن صفية صعوبة في الحركة منذ أن كُسرت ساقه في حادث سيارة قبل أربع سنوات. وتأمل صفية أن يتمكن من إجراء عملية جراحية خلال السنوات المقبلة لتحسين حركته.
وتتفاءل صفية بمستقبل مشرق لابنتها ملاك، التي تطمح لأن تصبح معلمة. وعندما سئلت عن مادتها الدراسية المفضلة، أجابت ملاك بثقة: "أحب جميع المواد."
"أريد أن اقدم لأطفالي كل فرصة للنجاح." – صفية، أم نازحة داخلياً
الوصول مرة أخرى
على بعد مئات الأمتار من منزل صفية، يعيش الحاج الذي وصل مؤخراً إلى المنطقة بعد فراره من خطوط جبهة الغليل مع زوجته وأطفاله الثمانية. لم يأخذوا معهم أي شيء، وهربوا في منتصف الليل. وقد قامت 12 عائلة أخرى، تضم 71 شخصاً، بالرحلة نفسها، يقودون جملهم وأربعة حمير. وشعروا بالحزن عندما قُتل أحد جمالهم بصاروخ أثناء عبور الطريق.
"ربما كان بإمكاننا الوصول بشكل أسرع، لكن كان معنا العديد من الأطفال معنا،" يروي الحاج.
وعلى الرُغم من حمل الأطفال على أكتفاهم، ومشي كثير منهم حفاة الأقدام، إلا أنهم وصلوا أخيراً إلى المخا، تاركين وراءهم قرية مهجورة. اختار الحاج هذه المنطقة لأنه يعرف بعض الأقارب فيها ويعرف شخص يمتلك أرض، مما منحهم الأمل في إمكانية المكوث على الأرض بدون مشاكل. وعند وصولهم، قاموا ببناء بعض المآوي المؤقتة، ولكن الحياة هناك لم تكن مريحة حيث واجهوا صعوبة في حماية أطفالهم من الحرارة الحارقة."
دعم الوافدين الجدد
شَهِدَ صالح الروضي، مدير فرع الوحدة التنفيذية لمخيمات النازحين في موزع، وصول العديد من الأسر النازحة إلى المنطقة. ومنذ أن نزح هو نفسه في عام 2018، لاحظ زيادة في الوافدين الجدد كل شهر. استجابة لهذه الاحتياجات المتزايدة، يجمع فريقه المعلومات عن الوافدين ويعملون على تنفيذ الإحالات بالتعاون مع المنظمات المحلية لتقديم الدعم للنازحين الجدد بأسرع وقت ممكن.
بعد أن استلمت عائلة الحاج الكبيرة أول دفعة نقدية، قرر هو على الفور بناء حفرة للطبخ. وبعد أستلام الدفعتين التاليتين، اشترى رأسين من الماعز، وفحماً للطبخ. كما تلقت الأسرة ذاتها حقيبة آلية الاستجابة السريعة التي شكلت دعماً حيوياً لهم، بينما كانوا يدعون الله من أجل وصول المزيد من المساعدات. وفي الوقت الحاضر، يكسب الحاج دخلاً متواضعاً من بيع جبن الماعز، وهو بالكاد يكفي لتلبية احتياجات عائلته. وغالباً ما يتذكر الأيام الجميلة التي عاشها عندما كان مزارعاً.
لكن الحاج ليس جديداً على النزوح. ففي عام 2018، أجبرت الفيضانات أسرته على مغادرة منزلهم والبحث عن مأوى في مكان آخر. ويجد هو صعوبة في الاطمئنان لفكرة أنهم لن يضطروا إلى التحرك مرة أخرى.
"كلما استقريت، أخشى ألا يدوم الأمر،" يقول الحاج، ويضيف: " يبدو أننا نبدأ حياتنا من جديد دائما".
النص والصور: مونيكا كيرياك | المنظمة الدولية للهجرة
Footnotes
يتم تمويل آلية الاستجابة السريعة والمساعدات النقدية متعددة الأغراض التي تنفذهما المنظمة الدولية للهجرة في اليمن من مكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وعمليات المساعدات الإنسانية التابعة للاتحاد الأوروبي، والصندوق المركزي للاستجابة لحالات الطوارئ، وقطر الخيرية.