منظمة الصحة العالمية - اليمن: "كنت سأنهي حياتي لو عرفت أن هناك من سيعتني بأطفالي"
ترك النزاع الذي طال أمده في اليمن الكثيرين يواجهون مشاكل الصحة النفسية، لكن غالباً ما يكون من المستحيل الحصول على الرعاية
عدن، اليمن
لا تعرف عائشة كم عمرها. "قال والدي للقاضي إن عمري 21 عاماً عندما تزوجت لأول مرة"، أجابت بهذا عندما قيل لها كيف تبدو صغيرة بالعمر.
"تركت زوجي الأول عندما كنت حاملاً بطفلي الأول. كان شرطه الوحيد للطلاق هو أن يأخذ الطفل بمجرد ولادتي. احتضنته لساعة واحدة قبل أن يأخذوه بعيداً. لم أره مرة أخرى إلا عندما أصبح عمره 13 عاماً".
تتابع قائلة: "مجتمعنا يعيب المطلقات، مما يعني أنني لا أستطيع البقاء عزباء لفترة طويلة. لذلك تزوجت مرة أخرى، لكن زوجي الثاني توفي بعد مرض شديد. أنا الآن مع زوجي الثالث لكن غالباً ما أشعر أن المشاكل التي أواجهها أكثر مما أستطيع تحمله".
لقد مر ما يقارب العقد منذ بدء الصراع في اليمن. وقد أدى عدم الاستقرار الذي طال أمده إلى تزعزع الهياكل الاجتماعية والاقتصادية، مما عكس اتجاه العديد من المكاسب الإنمائية التي تحققت بشق الأنفس. ارتفعت مستويات الفقر بشكل كبير، حيث يعيش ما يقرب من 80% من السكان الآن تحت خط الفقر.
"وصلت إلى درجة أن أترك أطفالي وأهرب. كرهت نفسي وكل من حولي. ولكن بعد ذلك فكرت، من سيعتني بأطفالي؟ ماذا سيحدث لهم إن غادرت؟ لا أحد يطعمهم عندما لا أكون موجودة. لذلك كنت دائماً أعود إلى المنزل. لكن الحقيقة هي أنني ربما كنت سأنهي حياتي لو عرفت أن هناك من سيعتني بأطفالي".
"ثم أخبرتني صديقتي عن هذه العيادة، وبدأت جلسات الدعم النفسي والاجتماعي. استمعت الطبيبة لي بصدر رحب. وصفت الأدوية وبدأت أشعر بتحسن. لا تزال الحياة صعبة، لكنني أشعر الآن بالقليل من الإيجابية والأمل. يبدو الأمر كما لو أن عبئاً ثقيلاً قد تم رفعه عن صدري. لهذا السبب أواصل المجيء إلى هنا، لإنهاء علاجي والتمسك بعائلتي".
في بلد يؤثر فيه النزاع على كل جانب من جوانب حياة الناس، وصلت الفجوة بين مقدار الطلب على خدمات الصحة النفسية وتوافرها إلى مستويات غير مسبوقة. عيادات الصحة النفسية قليلة، وغالباً ما تكون الأدوية غير متوفرة، وهناك نقص في المتخصصين في الصحة النفسية. يرفض المجتمع المرضى النفسيين، بينما خوف المرضى أنفسهم من أن تحكم عليهم مجتمعاتهم يمنع الكثير من الناس من طلب المساعدة.
في حين يحتاج ما يقدر بنحو ٧ ملايين شخص إلى رعاية الصحة النفسية، فإن 120000 شخص فقط يحصلون عليها. بالنسبة لأولئك الذين يجدون المساعدة، يمكن أن يكون الفرق هو تغيير حياتهم.
"أنا أخصائية في الطب الباطني، ولكني أتطوع في هذه العيادة بعد ساعات العمل للمساعدة في سد الفجوة. جميع الأطباء العاملين في هذه الوحدة متطوعون،" تقول الدكتورة حنان، مديرة عيادة الصحة النفسية التي تدعمها منظمة الصحة العالمية.
"في البداية، لم يكن لدينا الكثير من المرضى وكان يتم تحويل جميع الحالات التي تأتي إلينا من عيادات أخرى. الآن نستقبل حوالي ٢٠ مريضاً كل شهر، معظمهم من النساء. غالباً ما ترتبط القضايا الكامنة وراء ظروفهم بتدهور وضعهم الاقتصادي وعدم قدرتهم على إعالة أسرهم، وخاصة أطفالهم".
تقول الدكتورة حنان، "غالباً ما يمنع الخوف من المجتمع العديد من مرضى الصحة النفسية من طلب المساعدة التي يحتاجون إليها. نحن نقدم فقط الدعم النفسي والاجتماعي الذي يهدف إلى تعزيز السلامة النفسية ومساعدة الناس على التعامل مع التوتر والصدمات وحالات الأزمات. لكن عندما تتم إحالة حالة ذهانية إلى عيادتنا، فإننا نحيلها إلى مستشفى للأمراض النفسية والعقلية لتلقي العلاج المتخصص. في لحظتها نعلم أن المريض سيرفض الذهاب، خائفاً مما سيفكر فيه الناس من حوله".
###
بدعم من المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية (إيكو)، تقوم منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة العامة ببناء قدرات النظام الصحي في اليمن لتقديم خدمات الصحة والدعم النفسي والاجتماعي في مرافق الرعاية الصحية الأولية والثانوية والثالثية. ويشمل هذا الدعم إعادة تأهيل المرافق الصحية التي تقدم علاج الصحة النفسية، توفير الأدوية النفسية في 17 مستشفى في 12 محافظة، وتدريب أكثر من 65 عاملاً صحياً.
تم تغيير بعض الأسماء