المنظمة الدولية للهجرة - اليمن: زراعة السلام كيف يساهم الوصول إلى المياه في تعافي مدينة تريم
--
تريم، اليمن
لسنوات عديدة، يواجه الناس في اليمن تحدي الوصول إلى المياه. وقد تفاقمت هذه القضية لفترة طويلة بسبب الدمار الذي خلفته الحرب، حيث لم يتسبب الصراع في إحداث انقسامات عميقة في المجتمع فحسب، بل أدى أيضاً إلى تفاقم ندرة المياه. وقد ألحقت هذه التغييرات أضراراً بالغة في البنية التحتية للمياه والصرف الصحي ، مخلفةً 15.3 مليون شخص في حاجة إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي الأساسية.
ومع استمرار تغير المناخ في اليمن، أصبحت العواقب أكثر خطورة، حيث تتسبب موجات الجفاف الشديد في حدوث الفيضانات المفاجئة، مما يخلق مشهداً لا يمكن توقعه ويهدد سبل العيش واستقرار المجتمع. إن هذه الدورة المستمرة من الأحداث الجوية المتطرفة تعيق الإنتاج الزراعي، بل وتؤدي أيضاً إلى تفاقم التوترات بين المجتمعات المتنافسة على الموارد المتضائلة.
وفي قلب تريم، المدينة المعروفة بتاريخها الزراعي الغني، شعر المزارعون، مثل رياض، بثقل هذه الأزمة، حيث يوضح: "لقد اعتمدنا لأكثر من عقد من الزمان على النجوم في مواسم الزراعة، أما الآن، تأتي الفيضانات دون سابق إنذار، فتدمر محاصيلنا وآمالنا."
الزراعة في ظل ظروف صعبة
ويحاول رياض الحفاظ على إنتاجية أرضه بمساعدة مجرفة كهربائية، وهو حل مكلف للمزارع المتعثر، حيث يقول: "إنه عبء ضخم عندما تكون أصغر الأمور ذات أهمية،" موضحاً الضغوط المالية التي تصاحب الجفاف.
وفي ضواحي تريم، لجأ المزارعون بشكل متزايد إلى حفر الآبار المشتركة، وهو حل مؤقت يؤدي غالباً إلى نتائج غير مستدامة، حيث تبدأ هذه الآبار أيضاً في الجفاف. ويقول رياض: "إنه لأمر مفجع أن نشاهد حقولنا تتلف، إما بسبب الجفاف أو الفيضانات."
وكان توزيع المياه في الغالب لصالح أولئك الأقرب إلى المورد، مما يترك المزارعين البعيدين مثل رياض يواجهون نقصاً حاداً. ومع تصاعد التوترات داخل المجتمع، أصبحت النزاعات حول توزيع المياه واقعة متكررة، حيث عانت بعض المناطق من نقص كامل في المياه لأكثر من 13 عاماً.
"بدون المياه، تتحول أراضينا إلى تراب."
– رياض، عضو في المجتمع
مبادرات بقيادة المجتمع
لمدة تزيد عن عقد من الزمان، لم يؤدِ هذا التوزيع غير العادل إلى تغييرات اجتماعية عميقة داخل المجتمع فحسب، بل أدى أيضاً إلى تصعيد التوترات بين السكان. ومع تضاؤل الوصول إلى الموارد الأساسية مثل المياه، أصبحت النزاعات حول تخصيص المياه شائعة بشكل متزايد.
هذا الندرة لها آثار كبيرة على الإنتاجية الزراعية، مما يهدد سبل عيش أولئك الذين يعتمدون على الأرض. ويبين رياض: "عندما لم يكن لدينا إمكانية الوصول إلى المياه للزراعة، جفت أراضينا."
وإدراكاً للحاجة الملحة للتدخل، أطلقت المنظمة الدولية للهجرة، بالتعاون مع السلطات المحلية، مشروعاً شاملاً في عام 2023 لمعالجة التوترات المتعلقة بالمياه. فقد أُجريت تقييمات لإشراك المجتمع في فهم احتياجاتهم والنزاعات الناشئة عن ندرة المياه، وتعزيز التعاون بين أعضاء المجتمع وتمكين القادة المحليين.
وقد أدت جلسات التشاور المنتظمة إلى تشكيل لجان مجتمعية، حيث يجتمع السكان للإشراف على موارد المياه وتعزيز الاستخدام الفعال. وتؤكد هذه المبادرة بقوة على دور المرأة والشباب في تعزيز السلام ومعالجة النزاعات على الموارد.
"كانت المرأة دائماً في قلب مجتمعاتنا، ومساهماتها في حل النزاعات لا تقدر بثمن."
– محمد سالمين، أحد الوجهاء المحليين
استعادة موارد المياه
بالإضافة إلى حل النزاعات، يشمل المشروع إعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية، حيث يتم إنشاء أنظمة ري جديدة، وممرات مائية، ومضخات مياه تعمل بالطاقة الشمسية، وجدران غابيون – وهي هياكل مصممة لإدارة تدفق المياه – وهذا بهدف استعادة الوصول إلى المياه. ويقول رياض: "التغييرات التي نشهدها هائلة. مع وجود إمدادات مياه موثوقة، يمكننا زراعة محاصيلنا دون خوف."
إن التنفيذ الناجح لهذه الحلول من خلال أنشطة النقد مقابل العمل يساهم في تنشيط الزراعة، ويلهم أعضاء المجتمع للمشاركة في فرص توليد الدخل. ويهدف المشروع إلى إفادة ما يقرب من 211,000 شخص من سكان تريم، وتوفير الوصول المستدام إلى المياه، واستصلاح الأراضي الجافة.
ومن خلال الجهود الجماعية، يتعلم المجتمع كيفية التعامل مع تحديات ندرة المياه وتغير المناخ، مُتَّحِدِين في قدرتهم على الصمود وعزمهم على الازدهار. ويضيف رياض: "الآن، يمكننا التركيز على زراعة محاصيلنا ورعاية أسرنا. فالماء هو الحياة ونحن نستعيده."
#اليوم_الدولي_للسلام