برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - اليمن: تزويد الشباب اليمني بالمهارات اللازمة لتحقيق السلام والتنمية
--
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2014 يوم 15 يوليو يوماً عالمياً لمهارات الشباب، وذلك للاعتراف بالأهمية الاستراتيجية لتزويد الشباب بالمهارات اللازمة للتوظيف والعمل اللائق وريادة الأعمال في تعزيز التنمية المستدامة العادلة والشاملة.
ويؤكد اختيار شعار "مهارات الشباب من أجل السلام والتنمية" لليوم المهارات العالمي للشباب لعام 2024 على الدور الحاسم الذي يلعبه الشباب في بناء السلام وتعزيز حلول التنمية.
هناك ارتباط وثيق بين السلام والتنمية المستدامة؛ ففي المجتمع الذي ينعم بالسلام، يمكن للشركات أن تزدهر، ويتم خلق فرص العمل، وتعزيز الوصول إلى الخدمات، مما يؤدي إلى تحسين سبل العيش. ومن ناحية أخرى، تعمل حلول التنمية على تعزيز الاقتصادات المرنة، ونظم الحكم القوية، والبنية الأساسية الأفضل، مما يؤدي إلى الحد من الفقر وعدم المساواة.
يشكل الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا حوالي 30% من السكان في اليمن ويواجهون العديد من التحديات المعقدة الناجمة عن الأزمة المستمرة والممتدة، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة، ومحدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية، وانعدام الأمن الغذائي، وبالتالي فإن احتمالات إقامة بناء يمن ينعم بالسلام وقادر على الصمود ستظل بعيدة المنال في ظل اهمال دور الشباب وعدم تزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع هذه القضايا.
تزويد الشباب بالمهارات اللازمة لتعزيز النمو الاقتصادي من خلال الصناعات الثقافية والإبداعية
تذوق القهوة
تتمتع سلسلة قيمة القهوة بإمكانيات هائلة في اليمن، ولكن مازال هناك فجوة كبيرة في قدرات مراقبة الجودة. يعتبر تذوق القهوة من الطرق الأساسية لمراقبة الجودة التي يستخدمها محترفو القهوة في الصناعة، فهي تساعدهم على تقييم خصائص حبوب البن ومزيجها وتمكن الخبراء من العثور على قهوة تناسب احتياجات ومتطلبات المشترين.
على الرغم من ذلك، لم يكن لدى اليمن على مدى سنوات سوى صانع قهوة واحد معتمد دوليا، الأمر الذي شكل تحديا لفرصتها في التوسع في الأسواق العالمية.
يدعم مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن، الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتمويل سخي من الاتحاد الأوروبي، سلسلة قيمة القهوة بعدة طرق، بما في ذلك إنشاء سوق للقهوة وتعزيز قدرات مزارعي القهوة، فضلاً عن دعم الشباب اليمنيين لتعزيز مهاراتهم في تذوق القهوة.
تعرف على منيف، واحد من 45 مشاركاً في إحدى دورات تدريب تذوق القهوة التي يدعمها المشروع.
يقول منيف، الشاب البلغ من العمر 27 عاماً: "من خلال التدريب على تذوق القهوة، نمت مهاراتي ومعرفتي في قطاع القهوة بشكل كبير بفضل التدريب الذي تلقيناه على تذوق القهوة". وقد شرح بالتفصيل مدى استفادته الكبيرة من التدريب ليس فقط بالخبرة الفنية، ولكن أيضًا بفهم أعمق لتعقيدات زراعة القهوة ومعالجتها وتذوقها.
وأضاف: "بدأت العمل كمساعد مدرب في مجال تذوق القهوة بعد التدريب مباشرة".
يعمل منيف حالياً مع مدربين معتمدين لتمكين الشباب اليمنيين الآخرين من اكتساب مهارات تذوق القهوة. إن تفاني منيف في تعزيز معرفته في مجال تذوق القهوة يجسد جهدًا واسع النطاق لحماية التراث اليمني.
تحتل القهوة مكانة خاصة في التراث الثقافي لليمن كواحدة من أقدم مناطق انتاج القهوة على مستوى العالم وتتشابك بشكل عميق مع تاريخها وتقاليدها. لم تكن القهوة مصدر رزق للمزارعين اليمنيين فحسب، بل كانت أيضًا رمزًا للضيافة والتجمعات الاجتماعية والهوية الثقافية على مدى قرون. إن فن تحضير القهوة، من طرق التحميص التقليدية إلى الطقوس المعقدة للتخمير والتقديم، يعكس الحرفية اليمنية والالتزام بالحفاظ على الممارسات الثقافية التي تنتقل عبر الأجيال.
ونتيجة لهذه التدريبات، تأهل ثمانية مشاركين بنجاح لحضور دورة تدريبية في الأردن حيث حصلوا شهادات دولية في تذوق القهوة، في حين تم الوصول إلى أسواق وعملاء جدد مع زيادة مذهلة بنسبة 13 في المائة طبقاً التقارير الصادرة من جهات مستقلة.
إنتاج الحناء
إن الروابط الثقافية القوية التي تربط اليمن بالحناء (التي تستخدم في حفلات الزفاف والاحتفالات الأخرى) توفر سوقًا محلية مستقرة، في حين يوفر الاهتمام العالمي المتزايد بالمنتجات الطبيعية والثقافية فرصًا لتصدير الحناء اليمنية. من خلال تطوير سلسلة قيمة الحناء، يتم العمل على ضمان مصادر دخل مستدامة، وخاصة للنساء في المناطق الريفية، ويتم تعزيز هذا التراث الثقافي غير المادي.
قام مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن بدعم تدريبات إنتاج الحناء لـ 14 شابة لصقل مهاراتهن وتزويدهن بالمعرفة اللازمة لإنتاج وتسويق منتجات الحناء بالإضافة إلى القدرات المالية وإدارة الأعمال ضمن أولويات الخطط التنموية للسلطات المحلية في مديرية غيل باوزير.
تقول لطيفة، إحدى الشابات المشاركات في التدريب، بأنها تعلمت كيفية حساب تكاليف الانتاج من خلال التدريبات المالية والفنية، مؤكدة أن هذه المهارات سمحت لها بالتخطيط وإدارة نفقات عملها.
وتضيف لطيفة قائلة: "إن مهارات التسويق التي تعلمتها في التدريب مكنتني أيضًا من الوصول إلى جمهور أكبر وتحقيق أرباح أعلى"، موضحة كيف أن قدرتها على وضع استراتيجيات تسويقية فتحت آفاقًا جديدة للتفاعل مع العملاء وزيادة دخلها.
وإلى جانب هذه الفوائد الملموسة، مكّن التدريب لطيفة وشريكاتها، الذين التقت بهم خلال التدريب، من خوض غمار السوق التنافسية برؤية واضحة وفطنة تجارية قوية حيث يعملن معًا على تصنيع منتجات العناية بالشعر والبشرة باستخدام الحناء وبيعها من المنزل.
إن تزويد الشباب بالمهارات اللازمة لدفع النمو الاقتصادي من خلال الصناعات الثقافية والإبداعية ليس مجرد ضرورة، بل هو ضرورة استراتيجية للتنمية المستدامة، حيث يتم إطلاق العنان لإمكاناتهم في الابتكار وخلق فرص العمل وتنشيط الاقتصادات من خلال تزويد هم بالمعرفة والأدوات اللازمة لتسخير هذه الابداعات، والاستثمار في تعليمهم وتدريبهم لا يغذي التنوع الاقتصادي فحسب، بل يحافظ أيضًا على التراث الثقافي ويعزز التماسك الاجتماعي.
تم تنفيذ الدورات التدريبية على تذوق القهوة وانتاج الحناء من قبل مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن من خلال الشريك المحلي وكالة تنمية المشاريع الصغيرة الأصغر.
شباب يمنيون في طليعة الأشخاص الذين يعملون على حل النزاعات المجتمعية
إن الاعتراف بدور الشباب اليمني كقادة في معالجة الأزمات المعقدة التي تواجههم أمر بالغ الأهمية لتعزيز السلام في المجتمع. تعمل ست منظمات مجتمع مدني من خلال مشروع مرفق الأمم المتحدة للسلام على تعزيز قدرات الشباب اليمني في حل النزاعات والوساطة لضمان مشاركتهم الكاملة والهادفة في عمليات السلام على المستوى المحلي والوطني. إن أهم أولويات عمل هذه المنظمات هو بناء الثقة بين الشباب والمؤسسات الأمنية الرئيسية وزيادة الوعي بشأن إعادة دمج العائدين إلى المجتمع. تعمل هذه المنظمات على إرساء الأساس ليمن أكثر استقرارًا وسلامًا من خلال تزويد الشباب بالمهارات الأساسية للمشاركة المجتمعية وبناء السلام.
في نفس السياق، تؤكد "ذكريات"، إحدى المشاركات في إحدى الدورات التدريبية التي نظمتها مؤسسة سد مأرب، على التأثير الإيجابي للبرنامج، حيث تقول: "اكتسبت المعرفة والمهارات في المفاوضات والوساطة وبناء السلام والعدالة الانتقالية. أشعر بالقدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة وتحليل النزاعات بشكل فعال".
عمار، وهو مشارك آخر من نفس التدريب، يضيف قائلاً: "اكتسبنا مهارات في إدارة حملات المناصرة لبناء السلام وكيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كأداة لسد الخلافات وتعزيز ثقافة السلام".
إن الالتزام برفع مهارات الشباب اليمني ليس مجرد مسعى تعليمي؛ بل إنه أمر ضروري لتحقيق السلام في اليمن. ومع انخراط هؤلاء القادة الشباب بشكل أعمق في عمليات السلام المحلية والدعوة إلى السلام، فإنهم يساهمون في تحول مجتمعي أوسع نطاقاً نحو الاستقرار والسلام، فيما ضمن مشاركتهم أن تكون جهود السلام شاملة وتعكس احتياجاتهم.
إن تنفيذ هذه الأنشطة أصبح واقعاً ملموساً بفضل التمويل السخي من الاتحاد الأوروبي وألمانيا والنرويج.