برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - اليمن: مواجهة أزمة المناخ في اليمن: تنمية مستدامة على أرض الواقع
--
لما يقارب عقد من الزمان، عانى اليمن من أزمات طويلة الأمد، حيث أثرت على كل جانب من جوانب الحياة في البلاد، بدءًا من إنتاج الغذاء وصولاً إلى توفر دخل مستقر الأسر.
وفي الوقت الذي يواصل فيه اليمنيون التصدي للتحديات اليومية، يجب أيضاً مراعاة نتائج ما يحدث اليوم وآثاره على الأجيال القادمة. تُعد اليمن واحدة من أكثر الدول عرضة لتغير المناخ في العالم، ومع ذلك يتنامى الوعي بضرورة اتخاذ إجراءات لحماية البيئة والحد من المخاطر المحدقة بها.
يأتي الحد من آثار تغير المناخ ضمن التدخلات الرئيسية والتي يركز عليها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، من خلال مشاريع وبرامج مختلفة لمجابهة تغيرالمناخ والمساعدة في دعم الحفاظ على البيئة في عموم اليمن. تتوافق هذه التدخلات مع شعار اليوم العالمي للبيئة 2024:
“أرضنا، مستقبلنا. #معا_نستعيد_كوكبنا”
طبيعة التحديات
في عام 2023، أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن دراسة بعنوان "آثار تغير المناخ على التنمية البشرية في اليمن" وذلك لفهم التحديات والمخاطر التي تواجه البيئة، وبالتالي البشرية، في اليمن بشكل أفضل.
حددت الدراسة، التي صدرت في ديسمبر 2023، الاحتياجات الأساسية وقدمت تدخلات فعّالة للحد من مخاطر تغير المناخ في اليمن، مما يساعد على حماية البيئة للأجيال القادمة.
قدم التقرير العديد من النتائج والتوقعات التي توضح السيناريوهات المحتملة التي ستكون حتمية إذا لم يتم اتخاذ إجراءات ضد تغير المناخ.
على المدى الطويل، سيؤثر تغير المناخ في اليمن سلبًا على صحة وتغذية السكان، حيث سيكون تغير المناخ مسؤولاً عن أكثر من 121 ألف حالة وفاة بحلول عام 2060.
تقدّر التوقعات أن إجمالي الناتج المحلي المفقود هو 93 مليار دولار حتى عام 2060 إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء ضد تغير المناخ في اليمن.
الزراعة والأراضي الزراعية
ترك تغير المناخ آثاره على العديد من المناطق في أنحاء اليمن، وكان أبرزها الفيضانات والسيول الجارفة خلال السنوات الأخيرة والتي تشكل تحديات هائلة للمزارعين. تمكن مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن، والتابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، من تشييد ما مجموعه 32 خزان لحصاد مياه الأمطار في الحيمة الخارجية ومناخه.
في حين قام مشروع تعزيز الحماية الاجتماعية في حالات الطوارئ ومواجهة فيروس كورونا في اليمن(ESPECRP) بإعادة تأهيل أكثر من 56.6 كيلومترا من إمدادات المياه.
قام مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن (FSRRP) ببناء وتحسين أكثر من 20 ألف مترا من قنوات الري، وري ما يزيد على 5 آلاف هكتارا من الأراضي الزراعية. يقدم المشروع الدعم لاستعادة الأراضي الزراعية المتدهورة، وتحسين إدارة موارد المياه، وتعزيز الممارسات الزراعية الذكية مناخياً. يعمل المشروع على مجابهة تغيرالمناخ وتدهورالبيئة إلى جانب تعزيزالأمن الغذائي في البلاد، واستعادة ما يقرب من 4 آلاف هكتاراً من الأراضي الزراعية في نهاية المطاف.
"هذا المشروع يحمل وعدًا باستعادة إمكانية الوصول إلى المياه، وإعادة إشعال دافعنا كمزارعين وتمكيننا من كسب لقمة العيش مرة أخرى، " كما يقول حمود النهاري، وهو مزارع يبلغ من العمر 61 عاماً، واصفًا أعمال برنامج الاستجابة للأمن الغذائي والصمود (FSRRP) لإعادة تأهيل قناة الري في كبة الأشراف بمحافظة ذمار.
كما قام البرنامج المشترك لدعم سبل العيش والأمن الغذائي والتكيف المناخي في اليمن (ERRY III) بإعادة تأهيل 4.3 كيلومتر من قنوات الري، مما يسهل توزيع المياه بشكل مناسب للأنشطة الزراعية. كما قام باستصلاح 23 هكتارًا من الأراضي الزراعية في سبع مناطق، مع التركيز على حماية الأراضي واستصلاحها.
تسليط الضوء على انتاج الحناء
تعد الزراعة قطاعاً حيوياً للعديد من المجتمعات في غيل باوزير بحضرموت.
لقد أثرت مخاطر تغير المناخ على أراضٍ زراعية مختلفة وباتت تشكل تحديًا أمام قدرة المزارعين على زراعة محاصيلهم. يعد الحناء منتج شهير يُنتج في المنطقة، حيث تحصد الأجيال هذه المحاصيل لعقود.
المعاين هي طريقة تقليدية لقنوات الري يستخدمها مزارعو المنطقة لري محاصيل الحناء وتُعتبر المصدر الوحيد لمياه الري في غيل باوزير.
من خلال مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تمت إعادة تأهيل القنوات القديمة لتمكين المزارعين من الوصول إلى مياه الري، وإحياء نظام الري وممارسات إدارة الأراضي المستدامة.
"لقد كانت الزراعة قطاعًا مؤثرًا لعدة أجيال، وقد شجعنا الاهتمام الخاص بالحناء على العمل بشكل وثيق في هذا المشروع المهم. لأسباب عديدة، يتمتع قطاع الحناء بإمكانات هائلة للتوسع وتوفير فرص العمل لمختلف القطاعات في جميع أنحاء المديرية ". - سالم العتيشي الباوزيري ، مدير مديرية غيل باوزير.
الطاقة المتجددة
تواجه العديد من الأسر والشركات في اليمن صعوبة في الوصول إلى مصادر كهرباء موثوقة، حيث تنقطع الكهرباء عدة مرات في اليوم.
في عام 2024، نشر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن ملخصاً لخطة الاستثمار في الطاقة المتجددة بأنواعها في اليمن، مسلطًا الضوء على الطلب المحتمل وتوقعه لتحديد الاحتياجات الحرجة للطاقة وأوجه القصور في القدرات التقنية. تتضمن الوثيقة خطة شاملة للطاقة المتجددة في اليمن، بأهداف تفصيلية تغطي مجموعة واسعة من التدخلات والمشاريع التي ستعمل على تحسين قطاع الطاقة في اليمن وتتيح إمدادًا أفضل وأكثر كفاءة للطاقة المتجددة.
تجمع الخطة بين تقييم تفصيلي لقطاع الطاقة في اليمن مع التوقعات المحتملة على المدى القصير والطويل. وتبين أن إجمالي الاستثمارات اللازمة للمشاريع التجريبية قصيرة الأجل يبلغ 392.5 مليون دولار أمريكي.
يقوم مشروع " الطاقة المتجددة لتحسين الوصول إلى الخدمات الصحية وفرص كسب العيش " (HEAL) التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن حالياً بتركيب أنظمة الطاقة الشمسية في أربعة مستشفيات في اليمن، مما يوفر حلولًا مستدامة لنقص الكهرباء الذي يؤثرعلى القدرة التشغيلية لنظام الرعاية الصحية للبلد.
يقول صادق الجعدبي، فني مختبر يبلغ من العمر 33 عاماً في مستشفى 26 سبتمبر بمحافظة صنعاء، "نظام الطاقة الشمسية ضروري لعمليات المستشفى؛ بدون مصدر طاقة موثوق، يعيق عملنا بشدة حيث تتوقف المولدات بسبب نقص وقود الديزل". "في حالة انقطاع الكهرباء، يمكن أن تتدهور صحة المرضى، مما يؤدي إلى مضاعفات. لذلك، لا تساهم أنظمة الطاقة الشمسية في خفض تكاليف استهلاك الوقود فحسب، بل تخفف أيضًا من معاناة المرضى ".
بالإضافة إلى الرعاية الصحية، يدعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أيضًا قطاع التعليم في اليمن، حيث تعمل الطاقة الشمسية في المدارس في مناطق مختلفة. قام مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية بإعادة تأهيل 79 مدرسة وتجهيزها بأنظمة الطاقة الشمسية لتعزيز بيئة التعلم.
"لقد لاحظنا انخفاضًا في معدلات التسرب وتحسن في رغبة وسلوك الطلاب منذ تركيب نظام الطاقة الشمسية في هذه المدرسة." - هالة وحدين، مديرة مدرسة خولة بنت الأزور الثانوية والابتدائية، إحدى المدارس التي تم دعمها بتركيب أنظمة الطاقة الشمسية في حضرموت.
التركيز على مرافق الخدمات العامة هو أمر أساسي لتقديم الخدمات حيث يدعم مشروع البرنامج المشترك الممارسات الزراعية المستدامة باستخدام حلول الطاقة المتجددة. ومن خلال المشروع، تم تركيب أنظمة الطاقة الشمسية في 39 منشأة للخدمات العامة لتحسين الخدمات الأساسية.
تقول فوزية عبد الله، البالغة من العمر 49 عاماً، عن مشروع الطاقة الكهربائية الهجينة في مديرية الشمايتين بتعز: "من خلال الاستفادة من الطاقة المتجددة وتنفيذ الممارسات الزراعية المستدامة، فإننا لا نحافظ فقط على بيئتنا، ولكننا أيضاً نمكن مجتمعنا من أجل مستقبل اكثر مرونة".
تحسين الصرف الصحي وإمكانية الحصول على المياه
في بعض مناطق اليمن، يُعتبرالحصول على المياه والوصول الى الصرف الصحي معاناة يومية لا تنتهي، تؤثر على صحة وكرامة العديد من الأسر.
تمكن مشروعنا تعزيز الحماية الاجتماعية في حالات الطوارئ ومواجهة فيروس كورونا في اليمن من دعم أكثر من 72،500 فرد بالحصول على خدمات تحسين الصرف الصحي للحد من الأمراض التي تنقلها المياه والتي تفاقمها تغيرات المناخ.
يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن على تحويل إدارة موارد المياه إلى عملية شاملة تشاركية وتصالحية. ويتحقق ذلك من خلال مشروع تعزيز القدرة على الصمود من خلال إدارة موارد المياه المستدامة، والذي يركز على الانخراط عبر مختلف المجتمعات، بما في ذلك الفئات الضعيفة، لمعالجة احتياجات المياه، وتحويل موارد المياه في نهاية المطاف إلى محرك للتماسك الاجتماعي والاستقرار.
يعمل المشروع على تعزيز قدرات مؤسسات المياه المحلية وروابط المستخدمين لإدارة موارد المياه بطريقة شاملة وتشاركية وشفافة لضمان تقليل التأثير البيئي لاستخدام موارد المياه إلى الحد الأدنى.
الحفاظ على البنية التحتية للمياه هو هدف أساسي لتحقيق الزراعة المستدامة والأمن الغذائي في اليمن. من خلال مشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية لتعزيز الصمود في قطاع الزراعة والأمن الغذائي، فإننا نعزز القدرة على الصمود المعيشي للمجتمعات المحلية في اليمن من خلال الاستثمار في البنية التحتية لحصاد المياه وإعادة تأهيل الآبار والقنوات ومناطق الحماية من الفيضانات المتضررة، من بين أشكال البنية التحتية الأخرى. كما يهدف المشروع إلى التخفيف من وطأة الفقر من خلال خلق فرص إضافية مدرة للدخل تتحقق من خلال البدء بأنشطة صغيرة تضيف قيمة إلى المنتجات الزراعية مثل الفواكه والخضروات ومنتجات الألبان والبذور الزيتية الصالحة للأكل والأرز المقشور والدقيق والشاي والقهوة والبقوليات والتوابل والعسل، بالإضافة إلى تحسين إمكانية الوصول العادل إلى السوق للمجتمعات المحلية.
تم تنفيذ المشروع في أربع مديريات من محافظتي تعز ولحج ، ويشمل مشاركة فاعلة لأفراد المجتمع في صنع القرار كما انه ايضاً يساهم في زيادة سبل العيش المرتبطة بالزراعة، ويعود بالفائدة على أكثر من 70.000 فرد، بما في ذلك النساء والنازحين داخليا والمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة.
الحفاظ على بيئتنا البحرية
يمتد ساحل اليمن على مساحة تزيد عن ألفي كيلومتر، حيث توفر الأسماك القوت والدعم المعيشي للعديد من الصيادين.
يعمل مشروع التنمية المستدامة لمصايد الأسماك في البحر الأحمر وخليج عدن التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن (SFISH) بالتعاون مع الشركاء المحليين والتعاونيات السمكية والقطاع الخاص لإحياء قطاع الأسماك في اليمن وإدارته بشكل فعال. يعالج المشروع الإفراط في الاستغلال وممارسات الصيد غير المستدامة، ويضمن الوصول العادل إلى الموارد والمزايا. من خلال تعزيز البيئات البحرية المرنة، يدعم المشروع سبل العيش المستدامة، خاصة بالنسبة للمجتمعات الضعيفة والنساء والشباب.
من خلال المشروع، سيتم تطويرأنظمة سلسلة تبريد صديقة للبيئة تعمل بالطاقة المتجددة، وإعادة تأهيل مراكز إنزال الأسماك، بما في ذلك ميناء الصيد الرئيسي في عدن. وتعالج هذه الجهود خسائر ما بعد الحصاد، وتضمن جودة الأسماك، وتلتزم بمعايير حماية البيئة والاجتماع عالية.
بالتعاون معاً، يمكننا إدارة مصايد الأسماك للحفاظ على التنوع البيولوجي، وتحسين القيمة الاقتصادية، وحماية البيئة.
من خلال الاتجاه الاستراتيجي الجديد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، لم يكن التركيز على المناخ والبيئة والمياه في اليمن أقوى على الإطلاق فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية المستدامة.
بالتعاون مع شركائنا الوطنيين والدعم والتمويل من المؤسسة الدولية للتنمية وألمانيا والاتحاد الأوروبي وحكومة السويد والصندوق الكويتي وصندوق البيئة العالمية على التوالي، فإن المشاريع المذكورة أعلاه تستجيب للحاجة الملحة في اليمن للتخفيف من آثار تغير المناخ والاهتمام بحماية البيئة. معًا سنصنع فرقا.