البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة - اليمن:العدالة التصالحية على أرض الواقع: لجان الوساطة المجتمعية في اليمن
--
إن ضمان تمتع المواطنين اليمنيين بالسلامة والأمان مع إمكانية الوصول إلى العدالة الفعالة أمر بالغ الأهمية لتحقيق التنمية المستدامة، بعد سنوات من الصراع.
وسط العديد من التحديات التي تواجهها المؤسسات العامة في اليمن، أصبحت مراكز الاحتجاز في محافظة عدن مكتظة، حيث تصل في كثير من الأحيان إلى ثلاثة أضعاف طاقتها الاستيعابية، فيما العديد من هؤلاء المعتقلين محتجزون لأسباب تتعلق بخلافات مجتمعية وعائلية.
لدعم السلطات المحلية وأفراد المجتمع، ساعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن في تشكيل ست لجان وساطة مجتمعية في ست مديريات في عدن. تهدف هذه اللجان، التي تعمل كجزء من مشروع تعزيز الوصول الشامل إلى العدالة في اليمن (PIAJY) التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بدعم من مملكة هولندا، وبالشراكة مع مؤسسة آفاق شبابية، إلى حل قضايا مثل النزاعات المالية والمشاكل المدنية غير المادية.
وعلى مدار العام، تلقى أفراد المجتمع التدريب ليصبحوا وسطاء داخل اللجان. ويتمثل دورهم في حل النزاعات بين أفراد المجتمع، والعمل بالتعاون مع الشرطة لتسريع حل المشاكل وتخفيف الضغط على الأجهزة الأمنية.
حل النزاعات المجتمعية بالوساطة
تلقت تسهيد عبده، عضوة لجنة الوساطة المجتمعية، تدريباً في مجال الوساطة المجتمعية وحل النزاعات المقدمة من خلال مشروع PIAJY. بفضل هذه المهارات، نجحت في معالجة القضايا التي يواجهها المحتجزون. وقد قامت بالوساطة بين الأطراف المتنازعة للتوصل إلى حلول مرضية للطرفين، وبالتالي تجنب الاحتجاز المطول دون توجيه اتهامات صريحة.
تقول تسهيد: "كان تركيزي الأساسي هو على حل القضايا المتعلقة بالديون. لقد تمكنت من تأمين إطلاق سراح ثلاثة معتقلين كانوا محتجزين في مركز الشرطة المحلي لعدة أشهر بسبب الديون المستحقة التي تصل إلى 800 ألف ريال يمني، أي ما يعادل 800 دولار تقريبًا."
وفي مديرية خورمكسر، عمل حسن الحنشي، وهو عضو آخر في لجنة الوساطة المجتمعية، على قضية تتعلق بالإفراج عن معتقل كان محتجزًا منذ ما يقرب الستة أشهر. وكانت القضية تتطلب متابعة مكثفة، خاصة فيما يتعلق بأهل المعتقل الذين يقيمون في محافظة أخرى ولم يكونوا على علم بالوضع.
وأجرى حسن، بصفته الوسيط، اتصالات مع الضحية وناقشا تسوية القضية وتأمين إطلاق سراح المعتقل بعد مناقشات ووساطات متعددة.
يوضح حسن: "لقد رتبت لحضور المشتكي جلسة ثانية وتم التنسيق مع مركز الشرطة، وتمت تسوية القضية وسحب الشكوى، وتم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، مما أدى إلى أمر القاضي بالإفراج عن المعتقل".
لجان الوساطة المجتمعية تصنع فرق
تم اختيار سناء جميل وسيطة مجتمعية في منطقة الشيخ عثمان بسبب دورها النشط في المجتمع. وعلى مدى ثلاثة أسابيع، خضعت سناء وزملاؤها لتدريب مكثف في مهارات الوساطة المجتمعية والقانون ونظام العدالة التصالحية وتقنيات حل النزاعات.
وتقول سناء: "لقد كان لمشاركتي في لجان الوساطة المجتمعية تأثير عميق. لقد تواصلنا بشكل فعال مع المحتجزين وحللنا العديد من القضايا في مراكز الاحتجاز. وقد تبنى المجتمع جهودنا بكل إخلاص، وهو ما يمثل حافزًا دائمًا لعملنا".
ساهمت لجان الوساطة المجتمعية، بالتعاون مع السلطات المحلية، في تحسين الأوضاع داخل مراكز الاحتجاز وتسهيل إنشاء مكاتب لها بالتنسيق مع السلطات المحلية لضمان استمرارية عملها.
في الربع الأول من عام 2023، تلقى ما مجموعه 1,296 محتجزًا على ذمة المحاكمة في عدن استشارات قانونية من ست محاميات، بدعم من 60 وسيطًا مجتمعيًا، من خلال مشروع PIAJY، تم إنشاء ملفات قضايا لهؤلاء المعتقلين، وبناءً على حالاتهم، تمت إحالتهم إلى عمليات الوساطة المجتمعية. تم إطلاق سراح ما مجموعه 138 من المتورطين في جرائم مدنية وبسيطة من خلال وساطات مجتمعية.
يهدف مشروع تعزيز الوصول الشامل إلى العدالة في اليمن (PIAJY) التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى تعزيز قدرة المؤسسات والمجتمعات على الصمود. ويهدف إلى تعزيز مبادرات سلامة وأمن المجتمع، وتسهيل الوصول إلى العدالة، وتعزيز سيادة مؤسسات القانون الشاملة للجنسين، وتعزيز مشاركة المرأة وقيادتها في تقديم خدمات العدالة الشاملة.