البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة - اليمن: بناء الجسور: الوساطة والحوار يوحدان فئات المجتمع في اليمن
-
إنّ تعزيز مرونة الحكومة المحلية وحل النزاعات المجتمعية يدعم النسيج الاجتماعي للمجتمعات اليمنية.
في ظل واقع الصراع والهشاشة، لا تزال الخدمات الاجتماعية في اليمن في حالة حرجة، وقد أدى ذلك الى فقدان سبل العيش، وبالتالي يُعد بناء الثقة بين السلطات المحلية والمجتمعات أمراً ضرورياً.
في المناطق الريفية في اليمن، يعد الوصول إلى الكهرباء والمياه والتعليم والرعاية الصحية محدودا، في حين أن نقص فرص العمل ونقص الخدمات والتنافس على الموارد يمكن أن يؤدي إلى صراع داخل المجتمعات التي كانت متماسكة في السابق.
ولبناء القدرة على الصمود في اليمن على المدى الطويل، من الضروري أن تكون المجتمعات مستعدة لمواجهة التحديات. وإدراكًا لذلك، وبدعم مشترك من الاتحاد الأوروبي وحكومة السويد، جعل البرنامج المشترك لدعم سبل العيش والأمن الغذائي والتكيف المناخي في اليمن (الصمود الريفي 3) من تعزيز قدرة المؤسسات والمجتمعات المحلية على الصمود أولوية.
بميزانية قدرها 49.3 مليون دولار، سيستمر المشروع حتى فبراير 2025، ومن المتوقع أن يستفيد منه حوالي 850 ألف شخص ــ وذلك من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية والأصول المحلية، وحل النزاعات المجتمعية، واتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز التماسك الاجتماعي.
دعم القدرة على الصمود والتماسك الاجتماعي في اليمن: نهج تصاعدي
اعترافًا بالدور الهام للحكم المحلي في تعزيز التماسك الاجتماعي وترابط المجتمعات وتوفير الخدمات العامة والرفاهية المجتمعية، اعتمد برنامج الصمود الريفي3 نهجًا تصاعديًا يهدف إلى تعزيز قدرات المجتمعات الريفية على إدارة المخاطر والصدمات المحلية بشكل أفضل من خلال زيادة المرونة والاعتماد على الذات.
من خلال بناء القدرة على الصمود وحل النزاعات، يسعى البرنامج المشترك إلى تمكين المجتمعات، وتوفير المهارات اللازمة لتلبية احتياجاتها الخاصة، واشراك المجتمع في هذه العملية. ويعزز هذا النهج المشاركة المجتمعية، وملكية الأصول، وإشراك السلطات المحلية في تحديد وتنفيذ الحلول التي يقودها المجتمع المحلي. يقدم البرنامج المشترك أيضًا منحًا لتنفيذ مبادرات صغيرة الحجم والتي تساعد في حل المشكلات المتعلقة بالخدمات.
وعبر تشكيل 49 لجنة تنموية على مستوى العزل، نظمت المجتمعات نفسها في أطر غير رسمية، حيث اجتمع الرجال والنساء ومختلف الفئات المجتمعية معًا لمواجهة التحديات بشكل جماعي. لم يؤدي ذلك إلى تقوية النسيج الاجتماعي اليمني فحسب، بل أوجد أيضًا شعورًا بالملكية والمسؤولية بين أفراد المجتمع، ملهمًا إياهم للمساهمة في مبادرات ومشاريع مختلفة تخدم احتياجات الفئات الأكثر احتياجاً في اليمن.
من الصراع إلى التماسك: خبير اقتصادي شاب يصبح من بناة السلام في اليمن
في مدينة تعز الصاخبة، وجد عبد الرحمن المحفدي، خريج الاقتصاد ومعاون التدريس في جامعة تعز، دعوته الحقيقية كناشط مجتمعي - وهو الأمر الذي بدأ بفرصة غيرت حياتة.
خلال تدريب مكثف استمر لمدة خمسة أيام، تعمق عبد الرحمن في مفهوم التماسك الاجتماعي، وتعلم تقنيات لا تقدر بثمن حول التحكيم والوساطة وعملية إدارة الحوارات المجتمعية. وتضمن التدريب على الوساطة والصراع مشاركة أكثر من أربعين في المائة من النساء، مما يضمن تمثيل الذكور والإناث خلال الحوارات المجتمعية. وهذا يمكّن المرأة من القيام بدور صنع القرار في مجتمعاتها.
بدافع من هذه المهارات المكتشفة حديثًا، تعاون عبد الرحمن وزملاؤه المتدربون لإنشاء لجنة من الوسطاء تضم أعضاء من مجالس التنمية وشخصيات مجتمعية مؤثرة. وباستخدام أدوات تحليل النزاعات ومهارات المسح، تمكنت اللجنة بسرعة من تحديد النزاعات التي تحظى بالأولوية، واستخدمت تقنيات مختلفة لمعالجة المشكلات المحلية - مع وضع الحوار المجتمعي دائمًا في المقدمة.
من الإغلاق إلى الاستمرارية: الحوار يسهم في استعادة خدمات الرعاية الصحية في تعز
يمثل الوصول إلى الرعاية الصحية تحديًا في اليمن، وخاصة في المناطق الريفية. في عزلة الجبزية، وهي منطقة ريفية تابعة لمحافظة تعز، ويبلغ عدد سكانها حوالي 18,000 نسمة، لا يلبي المركز الصحي الوحيد احتياجات الرعاية الصحية في الجبزية فحسب، بل يلبي احتياجات القرى المجاورة أيضًا.
واجهت الوحدة الصحية العديد من التحديات، حيث كانت الصراعات المجتمعية المتعددة في قلب مشاكلها. وبدون جدار حماية يفصل الأرض المحيطة بالوحدة الصحية، أراد بعض أفراد المجتمع حقوق الوصول إلى السوق المحلية عبر الوحدة الصحية، بينما أراد آخرون استخدام الأرض كموقع للدفن. أدت الخلافات بين المعارضين لبناء الجدار المحيط ومدير الوحدة الصحية، الذي أراد تأمين المنشأة، إلى إغلاق المركز الصحي في الجبزية، مما أدى إلى حرمان المواطنين من الخدمات الحيوية.
وفي نهاية المطاف، تدخلت لجنة الوساطة، وشددت على أهمية إيجاد حل للخلاف وأشارت إلى قيمة النهج المجتمعي الذي يُسمع فيه أصوات طرفي الخلاف. وبينما واجهت الأطراف المختلفة صعوبة في فهم الآخر، شجع الوسطاء على الحوار و التواصل المبني على الاحترام. حينها، توصلوا إلى حل مربح للطرفين، حيث تم الاتفاق على بناء جدار للوحدة الصحية، مما يسمح باستئناف الخدمات، مع حماية مصالح السكان المحليين.
يقول عبد الرحمن: "لقد أدركت الآن قوة الحوار كأداة فعالة لمعالجة النزاعات ".
حتى الآن ، تم حل ثلاثة نزاعات تتعلق بالطرق والتعليم والصحة بنجاح في منطقة الجبزية في تعز عبر تدخلات البرنامج المشترك لدعم سبل العيش والأمن الغذائي والتدخل المناخي في اليمن (الصمود الريفي 3).
نجح البرنامج المشترك في لم شتات المجتمعات المستهدفة، واستعادة الثقة، وتمكين الأفراد من بناء النسيج الاجتماعي عبر نهجه الشامل والتشاركي.
***
بتمويل من الاتحاد الأوروبي وحكومة السويد، البرنامج المشترك لدعم سبل العيش والأمن الغذائي والتكيف مع المناخ في اليمن (الصمود الريفي 3) برنامج مشترك مدته 3 سنوات يتم تنفيذه بشكل مشترك من قبل منظمة الأغذية والزراعة (FAO) ومنظمة العمل الدولية (ILO). وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وبرنامج الأغذية العالمي (WFP). يهدف البرنامج المشترك إلى تعزيز قدرة المجتمعات المتضررة من الأزمة في اليمن على الصمود من خلال خلق سبل عيش مستدامة وتحسين الأمن الغذائي والوصول إلى الخدمات الأساسية في خمس محافظات مستهدفة في اليمن: حجة والحديدة ولحج وأبين وتعز.