صندوق الأمم المتحدة للسكان: قصة هيام: براعم أمل خضراء في خضم الحرب في اليمن
--
في الخامسة عشرة من عمرها، أُجبرت هيام على توفير نفقات معيشة عائلتها.
مع تصاعد الحرب في اليمن عام 2015، فقد والد هيام وظيفته التي كان دخله اليومي منها أقل من دولار مقابل نقل البضائع بواسطة الحمار. وعلى الرغم من بذله قصارى جهده إلا أنه لم يعد هناك أي أعمال متوفرة.
تحتاج والدة هيام المصابة بداء السرطان بشكل خطر لعناية مستمرة، ولأن هيام هي الطفل الأصغر من بين تسعة آخرين في العائلة، فقد تولت رعاية إخوانها لتضمن بقاء العائلة على قيد الحياة.
تقول هيام: " كان التوقف عن المدرسة أصعب جزء بالنسبة لي."، " لازلت أشعر بحزن عميق لكن القدر يأخذك في مسارات لا ترغب بها، ورغم ذلك فقد تعملتُ أن أعيش، وأكافح وأناضل من أجل تحقيق أهدافي."
بمشقة تسافر هيام إلى مزارع بعيدة لشراء الخضروات ومن ثم بيعها في حيها. تغطي النقود الاحتياجات الأساسية لعائلتها لكن العمل يفرض عليها ايضاَ ثمن خفي ومتراكم. تقول هيام:" ولأنني كنتُ الفتاة الوحيدة في السوق، فقد كان هناك الكثير جداً من الإساءة كل يوم. وكل ذلك ضاعف حزني وأثر عليّ بشكل كبير. "
كانت هيام خائفة وتحت ضغط شديد وعلى وشك الانهيار في الوقت الذي سمعت فيه عن وجود مساحة آمنة للنساء والفتيات بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان. وبالرغم من حالة اليأس لديها، تواصلت هيام مع المساحة من أجل المساعدة.
أزمة حادة
تبقى اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، فـ21.6 مليوناً من السكان بحاجة إلى مساعدات. وتدفع النساء والفتيات اثماناً باهضة لثماني سنوات من الأزمة، فالنساء والأطفال يشكلون نحو 80% من إجمالي 4.5 مليون نازح في البلاد. و حوالي 26 % من العائلات النازحة تعيلهن نساء بالإضافة إلى تزايد معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي أثناء الأزمات.
في الساحل الغربي، تعرضت محافظة الحديدة للقصف أكثر من عدة مناطق أخرى بسبب وجود ميناء البحر الأحمر الاستراتيجي في الحديدة والذي كان مسرحاً للقتال العنيف. حدثت موجات نوزح في مديرية الجراحي القريبة من هيام. وكما هو الحال في مناطق عدة، يعاني معظم الناس من أجل الحصول على المياه الآمنة للشرب والغذاء، والوظائف والخدمات الصحية.
براعم خضر اء
"وصلت هيام إلى المساحة الآمنة في حالة سيئة للغاية." يقول الاخصائي الاجتماعي الذي استقبلها.
ويضيف: " كان يمكنك رؤية علامات الإجهاد والإعياء والمرض عميقة على وجهها."
لمدة شهر حصلت هيام على الإرشاد النفسي من قبل مجموعة من المهنيين المُدربين، وبعد استعادتها لثقتها، تلقت هيام تدريباً في مجال الزراعة المستدامة من أجل تأمين مستقبل عائلتها."
أسس صندوق الأمم المتحدة للسكان 29 مساحة آمنة للنساء والفتيات في أرجاء اليمن، بالإضافة إلى ثمانية مراكز إيواء للنساء والفتيات وخمسة مراكز متخصصة بالصحة النفسية لخدمة الفئات الأشد استضعافاً.
مدعومة بتمويل الصندوق المركزي للاستجابة الطارئة التابع للأمم المتحدة، ودولة الدنمارك، والاتحاد الأوروبي ودولة ايسلندا،ومركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية ودولة هولاندا والنرويج والسويد وسويسرا ومكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة الامريكية للتنمية الدولية وصندوق التمويل الإنساني في اليمن، تمنح المساحات الآمنة النساء والفتيات الوصول إلى خدمات الحماية، ومثلت مكان آمن للوصول إلى المعلومات حول مزيد من الدعم، ولإعادة تجمع وبناء شباكتهن الاجتماعية.
وتوفر المساحات الآمنة كذلك خدمات الإحالة إلى الرعاية الطبية والمساندة القانونية والدعم النفسي الاجتماعي بالإضافة إلى التدريب الهام على المهارات الحياتية خاصة للنساء المعيلات لأُسرهن.
تعملت هيام في المساحة الآمنة الزراعة والعناية بالأرض والخضروات والفواكه، وحصلت على منحة بـ500 دولاراً أمريكي لتبدء عملها الخاص في الزراعات الخضراء. وتجني هيام اليوم حوالي 30-50 دولاراً شهرياً وهو ما يُمكنها من دعم بقاء إخوانها السبعة في المدرسة.
وتنتج مزرعتها المنزلية ما يكفي من الغذاء لثلاث وجبات يومياً لكل العائلة. تقول هيام: " الآن أنا مُزارعة وفعلاً تحسنت حياتي وظروفي الاقتصاديةـ والجميع ينادونني "الفتاة الزراعية" وأنا مُعجبة بذلك."
تحب هيام البيئة وتعمل من أجل حمايتها من خلال عملها، فهي لا تستخدم المواد الكيميائية أو المبيدات الحشرية وتستخدم فقط الأسمدة الطبيعية.
وتقول السيدة انشراح أحمد ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن: " تمثل قصة هيام الأمل والقوة والصمود الذي تتطلع إليه كل الفتيات. تتغلب النساء والفتيات أمثال هيام على صعوبات هائلة ليتقدمن ويصبحن قياديات. يتوق الشباب في اليمن إلى بناء السلام وتأمين مستقبل مستدام، ولذلك من المهم أن نقدم لهم الدعم."
والرسالة البسيطة التي توجهها هيام إلى النساء والفتيات هي : " لا تفقدنّ الأمل ابداً ولا تيأسنّ. ثقنّ دائماً بأنفسكن، ودائماً واصلنّ الكفاح من أجل تحقيق أهدافكن."