منظمة الأغذية والزراعة - اليمن: التكاتف لتحسين حياة اليمنيين - بقلم: الدكتور حسين جادين
التكاتف لتحسين حياة اليمنيين
بقلم: الدكتور حسين جادين
نحتفل اليوم باليوم العالمي للعمل الإنساني على خلفية عدد كبير من التحديات التي يواجهها اليمنيون والعاملون في المجال الإنساني يومياً. لا يزال ماثلاً في ذاكرتنا إطلاق النار على أحد العاملين في المجال الإنساني وقتله بطريقة وحشية الشهر الماضي.
أدى النزاع الذي طال أمده في اليمن إلى زيادة الضُعف لدى قطاعات كبيرة من السكان، لا سيما النساء والأطفال. اليمن الآن في عامه التاسع من النزاع؛ وهذا جعل الوضع الإنساني محفوفاً بالمخاطر. الآمال في تغيير الوضع معلقة على حل النزاع وزيادة الاستثمار من أجل إحداث تحول مستدام في نظم الزراعة الغذائية في البلاد.
الوضع في اليمن محفوف بالمخاطر، إذ تشير التقديرات إلى أن حوالي 21.6 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية. أظهر تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي صدر العام الماضي ويغطي جميع المديريات في البلاد أن حوالي 17 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية الحاد. من بين هؤلاء ، يمر 6.1 مليون شخص بمرحلة الطوارئ وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.
تم تأكيد ذلك أيضاً من خلال تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي تم تنفيذه مؤخراً ويغطي المناطق الجنوبية والذي أظهر أن حوالي 3.2 مليون شخص عانوا من مستويات عالية لانعدام الأمن الغذائي الحاد (المصنف على أنه انعدام أمن غذائي حاد في المرحلة الثالثة وما يليها وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) بين يناير ومايو من هذا العام.
ثمة فجوة هائلة في التمويل تفاقم الوضع. هناك حاجة إلى 4.34 مليار دولار أمريكي إجمالاً في عام 2023 للجهات الفاعلة الإنسانية للوصول إلى الأشخاص الأكثر ضعفاً، إلا أنه حتى يوليو من هذا العام، تم دفع 1.34 مليار دولار أمريكي فقط، أي ما يمثل 30.9 بالمائة.
إلى جانب الجوع وسوء التغذية اللذان يطاردان نسبة كبيرة من السكان، يواجه اليمن أيضاً نقصاً خطيراً في المياه (للإنتاج الزراعي والاستهلاك البشري والاستخدام المنزلي)، والنزاعات على الموارد المائية، فضلاً عن الآثار السلبية لتغير المناخ بما في ذلك الأمطار المتقطعة والسيول والجفاف والظواهر الجوية المتطرفة.
هذا وضع قاتم في اليمن.
يقدم لنا اليوم العالمي للعمل الإنساني فرصة لتقييم ما نقوم به، وفي الوقت نفسه الاعتراف بدور مختلف العاملين في المجال الإنساني الذين يعملون بنشاط مع المجتمعات المحلية لإحداث تغيير في حياة اليمنيين.
يقام اليوم العالمي للعمل الإنساني 2023 لهذا العام تحت وسم #مهما-كان . لن يكون الوسم أكثر ملاءمة لليمن، إذ يتعين علينا بذل كل ما في وسعنا لدعم العاملين في المجال الإنساني والأشخاص الذين يعملون معهم في البلاد.
حركة العاملين في المجال الإنساني في اليمن مقيدة. هذه القيود على الوصول إلى المناطق التي يتم فيها تنفيذ البرامج تعيق تنفيذ ورصد التدخلات الحاسمة وتؤثر على جودة ودقة وتوقيت تنفيذ المشاريع.
تواجه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، إلى جانب الوكالات الإنسانية الأخرى، هذه الصعوبات بانتظام. على الرغم من هذه الصعوبات، تعمل الفاو مع الشعب اليمني لضمان تحقيق إنتاج أفضل وتغذية أفضل وبيئة أفضل وحياة أفضل لهم.
من خلال إصرار ومثابرة موظفي الفاو المتفانين في اليمن، تمكنا من دعم 180,000 أسرة (1.3 مليون شخص) في عام 2022 والربع الأول من عام 2023 وحده. لقد تمكنا من دعم هؤلاء الأشخاص ، بفضل الدعم السخي من شركاءنا المنانحين.
تدخلات الفاو في اليمن لها أثر طويل الأجل، وتشمل هذه التدخلات الزراعة وسبل كسب العيش في حالات الطوارئ واستعادة نظم إنتاج الأغذية الغنية بالعناصر المغذية للفئات الأكثر ضعفاً؛ نظم الزراعة الغذائية المرنة، مبادرة يداً بيد (تعزز هذه المبادرة الشراكة مع شركاء التنمية الآخرين لإرساء الأساس لاستثمار طويل الأجل من أجل التعافي وإعادة التأهيل والتنمية)؛ ابتكار البحوث الزراعية، والممارسات الزراعية الجيدة وتعزيز بناء القدرات وتبادل المعرفة؛ التكيف مع تغير المناخ بما في ذلك نظم الزراعة الغذائية التكيفية والتنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية للأغذية والزراعة.
من خلال هذه التدخلات، أرست الفاو أساساً قوياً لتحويل نظم الزراعة الغذائية في اليمن. اليمنيون بحاجة إلى دعم الجميع لتغيير الوضع.
من الضروري أن يعيد مختلف أصحاب المصلحة داخل اليمن وخارجه تأكيد التزامهم بتخطيط وتمويل التدخلات المختلفة التي يتم تنفيذها في البلاد. سيضع هذا حجر الأساس لتحول مستدام للنظم الغذائية في البلاد. هناك خطر يلوح في الأفق من أن الوضع قد يتدهور إلى كارثة، على سبيل المثال، إذا ظل الوصول إلى مناطق العمليات مقيداً. هذا من شأنه أن يقوض المكاسب التي تم تسجيلها من خلال التدخلات السابقة.
إذ نحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني، فإنه ينبغي أن نستمر في تقدير التفاني الذي أبداه العاملون في المجال الإنساني. العاملون في المجال الإنساني بحاجة إلى الدعم والحماية على حد سواء. سيكفل الدعم المقدم من المانحين التصدي للتحديات التي تواجهها البلاد. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا هو اليوم الذي نعبر فيه أيضاً عن شكرنا للمجتمعات والسلطات التي نعمل معها. من خلال هذه الجهود المتضافرة تمكنا من إحداث أثر في حياة الكثير من اليمنيين.
يرتعد المرء عندما يفكر في ما كان يمكن أن يكون عليه الوضع لولا اجتماع مختلف الوكالات الإنسانية والمانحين والمجتمعات والسلطات لخدمة الشعب اليمني. من اللافت أنني سلطت الضوء في هذا اليوم من العام الماضي على بعض هذه التحديات، وهي لا تزال قائمة، وبالتالي يتعين علينا مضاعفة جهودنا إذا أردنا القضاء عليها.
نحن بالفعل القرية التي تحدث أثراً.