المنظمة الدولية للهجرة - اليمن: تعزيز التعليم يساعد الفتيات على صياغة مستقبلهن
هيثم عبد الباقي ومنة الله حميد | مساعدا التواصل في المنظمة الدولية للهجرة باليمن
مأرب
تسبب الصراع في اليمن بحدوث اختلالات في حياة المجتمعات في جميع أنحاء البلاد، ويعد الطلبة من بين الأكثر تضرراً حيث توقف تعليمهم بسبب سنوات من الحرب. وكافحت المدارس المحلية لإبقاء أبوابها مفتوحة على الرغم من اندلاع الحرب وتدهور الاقتصاد مما جعل الطلبة يفتقرون إلى الموارد اللازمة للحصول على تعليم جيد.
قالت أروى أحمد، مختصة اجتماعية في مدرسة أم سلمة في منطقة ريفية بمأرب، إحدى المحافظات الأكثر تضررا من الحرب: "أعرف تجربة عدم القدرة على الدراسة، ولا أريد أن يُحرَم أي من طلابي من التعليم."
"أعمل في مدرسة أم سلمة منذ 14 عاماً. كان في المدرسة ثمانية فصول دراسية فقط، ثلاثة منها كانت عبارة عن فصول دراسية مؤقتة وخيام، ويستوعب كل فصل 20 طالباً فقط."
هذه المدرسة الابتدائية التي تعمل فيها أروى مخصصة للطالبات. وعلى الرغم من الدور المهم الذي لعبته في توفير التعليم لمئات الطالبات، إلا أن المدرسة لم تحظ بالاهتمام في كثير من الأحيان وتحتاج إلى أعمال إعادة تأهيل عاجلة ومعدات جديدة والمزيد من المعلمين.
وقد اشتد الضغط على الموارد مع محاولة المدرسة استيعاب مزيداً من الطالبات النازحات جراء الحرب.
وبحسب ما أفادت أروى، فإن المدرسة تفتقر حتى إلى أبسط الضروريات لتلبية احتياجات الطلبة الجدد.
"لم يتم تزويدنا بأي شيء، لا تدريب ولا أثاث ولا حتى كتب للطالبات. ومع ذلك، عمل المجتمع المحيط في منطقة الجلال بجد للتأكد من حصول الطلبة النازحين على التعليم، وخاصة الفتيات الصغيرات ".
وقالت أروى أن معظم الطلبة النازحين يأتون دون أي وثائق، بما في ذلك شهادات الميلاد والوثائق المدرسية، لكن ذلك لم يمنعها من مساعدة هؤلاء الطلبة.
وأوضحت أروى: "بذلنا قصارى جهدنا. لم نكن نريد حرمان هؤلاء الطالبات من التعليم. لقد سعيت شخصياً بجد لمساعدة هؤلاء الطالبات للحصول على الوثائق للالتحاق بالمدرسة." وأشارت إلى أن هدفها هو السماح لكل طالبة جاءت إلى مدرستها بالحصول على فرصة في التعليم.
فهناك حوالي مليون شخص نازح في محافظة مأرب، ولكن القليل جداً من المدارس يمكنها تلبية الإقبال المتزايد على التعليم. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن هنالك 2.7 مليون طفل خارج المدارس في مختلف أنحاء اليمن.
ولا تستطيع العديد من العائلات النازحة تحمل رسوم النقل لأطفالهم للذهاب إلى المدرسة. كما فقد البعض وثائقهم القانونية أثناء فرارهم إلى بر الأمان مما تسبب في تسرب العديد من الطلاب الصغار من المدرسة.
كما أن المدارس التي ما تزال قادرة على فتح أبوابها أمام الطلبة النازحين تكافح لتأمين الموارد اللازمة حتى يتمكن جميع الطلبة من الحضور والحصول على تعليم جيد.
وأوضحت منال محمد، طالبة في الصف الثامن في مدرسة أم سلمة: "كنت أكره الذهاب إلى المدرسة، فقد كانت البيئة قاسية. كنا مكتظين بالخيام ولم يكن لدينا مراحيض. كنت أشعر بخيبة أمل."
تدخلت المنظمة الدولية للهجرة لدعم مدرسة أم سلمة حتى تتمكن الطالبات، أمثال منال، من التعلم في بيئة أكثر راحة ويسر.
وقالت صباح علي، موظفة ميدانية في المنظمة الدولية للهجرة في مأرب: " لقد صُدِمنا عندما رأينا الظروف التي كان الطلبة يدرسون فيها. كانوا مكتظين في الخيام التي يأملون أن تقيهم من حرارة الشمس الحارقة. يمكنني أن أشعر بحرارة الشمس الشديدة وأنا أقف خارج الخيام".
بمساعدة من الاتحاد الأوروبي، زودت المنظمة الدولية للهجرة مدرسة أم سلمة بأربعة فصول دراسية إضافية حتى لا يضطر الطلبة للدراسة في الخيام. وتم إنشاء ثلاثة مراحيض وتوفير أثاث جديد للمدرسة، وتم تقديم الحقائب المدرسية ومستلزمات النظافة للطلبة.
وأوضحت أروى: "قبل تجديد المدرسة، إذا ذهبت إحدى الطالبات إلى خارج المدرسة لاستخدام دورة المياه، كنت لا أتوقف أنا والمدرسين الآخرين عن القلق بشأنهن حتى يعدن بأمان."
غمر أروى الفرح لأنها ستتمكن من تزويد طالباتها بالتعليم الذي كافحت من أجل الحصول عليه.
لقد فهمت جيداً تجربة الحرمان من التعليم. فقد نشأت في مجتمع لا يؤمن بتعليم الفتيات، لكنها نهضت ووجدت طريقة لمواصلة تعليمها. بعد ذلك، صممت أروى على التأكد من عدم تعرض أي من طالباتها لنفس التحديات.
واختتمت أروى قائلةً: "لقد كان حلماً وتحقق. أصبح لدى الطالبات الآن حافزاً لمواصلة تعليمهن. فالتعليم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يساعدنا، لا سيما نحن النساء، في محاربة الظروف المعيشية السيئة."
مدرسة أم سلمة هي واحدة من بين 16 مدرسة قامت المنظمة الدولية للهجرة بإعادة تأهيلها أو بنائها بدعم من الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية، وذلك لإزالة عوائق التعليم المتعلقة بالبنية التحتية والاقتصاد. يمكن الآن لأكثر من 18,000 طالباً يعيشون في ستة مواقع نزوح العودة إلى المدرسة.