نساء نازحات يفتحن آفاقاً جديدة نحو مزيد من المشاركة والتمكين
مأرب – يُعَدُّ النزوح من أصعب التجارب التي يمكن أن يمر بها الإنسان.
وينطبق هذا بشكل خاص على النساء النازحات اللواتي يتعين عليهن في كثير من الأحيان تحمل مسؤولية البدء من جديد، ورعاية أسرهن والدعوة إلى السلام والاستقرار.
أحلام*، أم لأربعة أطفال وتبلغ من العمر 34 عاماً، نزحت إلى مأرب منذ سبع سنوات، تاركةً وراءها منزلها بل وحريتها ومسيرتها المهنية، حتى أتاحت لها فرصة جديدة أن تجد صوتها من جديد.
وأوضحت أحلام، التي كانت تعمل كمعلمة قبل أن تصبح نازحة: "منذ أن قدمت إلى مأرب، لم أتمكن من العمل أو حتى مغادرة المنزل. كان زوجي يمنعني من الذهاب إلى أي مكان. وبعد الكثير من الجدل، لم يُسمح لي بالخروج سوى ثلاثة أيام في الأسبوع".
منذ أن غادرت منزلها، أصبحت حياة أحلام محصورة في رعاية أسرتها ومنزلها. أرادت العمل لكنها لم تتمكن من تأمين وظيفة لإعالة أسرتها.
ولكن تغير وضعها مؤخراً عندما سمعت عن تشكيل لجنة نسوية في الجفينة، أكبر موقع نزوح في اليمن يضم 11,000 أسرة.
كانت أحلام متحمسة لفرصة التطوع وإحياء شغفها بالقيادة ودعم النساء الأخريات. تحدثت إلى أسرتها عن رغبتها في أن تكون جزءاً من اللجنة وانضمت إليها بعد تلقي دعمهم.
تعمل فرق إدارة المخيمات وتنسيق أنشطتها التابعة للمنظمة الدولية للهجرة منذ سنوات لتحسين الظروف المعيشية للأسر النازحة في مأرب. وبالنظر إلى حقيقة أن نصف الأسر النازحة في هذه المحافظة تعيلها نساء، أدركت المنظمة الحاجة إلى وجود منتدى يمكن للنساء فيه التعبير عن آرائهن ودعم بعضهن البعض.
وبالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ومكتب الولايات المتحدة للسكان واللاجئين والهجرة، تطلق المنظمة الدولية للهجرة مشروع مشاركة المرأة الذي يهدف إلى تعزيز مشاركة المرأة في صنع القرار وتمكينها في مجتمعات النازحين.
وكجزء من مشروع مشاركة المرأة، يتم افتتاح لجان نسوية في 33 موقعاً للنازحين ويتم إجراء العديد من الدورات التدريبية حول موضوعات مثل التواصل مع المجتمعات، وجمع البيانات والتعليقات، والمهارات القيادية لأكثر من 180 امرأة.
وقالت مها، رئيسة اللجنة النسوية الأولى التي تأسست مؤخراً في الجفينة: "لقد تم اختياري من قبل الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين لقيادة اللجنة النسوية. إن مهمتنا الأساسية هي جمع المعلومات حول احتياجات ومتطلبات النساء في مواقع النزوح وأوجه الضعف لديهن، ومن ثم نشر الوعي بينهن."
وتعد هذه اللجان منتدى فريداً للنساء للتعبير عن احتياجاتهن والمشاركة في تحديد نوع المساعدة المقدمة لهن وللأشخاص الآخرين المحتاجين.
قبل إطلاق هذه المبادرة، كانت معظم الآراء والتعليقات التي يتلقاها العاملون في المجال الإنساني من الرجال الذين يقضون وقتاً خارج المنزل أكثر من النساء، وعادة ما أغفلوا مشاركة الاحتياجات والرغبات الخاصة بالنساء.
وأوضحت سارة، قائدة أحد القطاعات في اللجنة النسوية في الجفينة: "نظراً للقيود الثقافية، لا يستطيع العاملون في المجال الإنساني من الذكور الدخول إلى مآوي الأسر التي تعيلها نساء لمعرفة احتياجاتهن وأوجه الضعف لديهن. ولكن منذ أن بدأت اللجنة عملها، تمكنت النساء من التعبير عن أنفسهن لأعضاء اللجنة اللواتي يأتين لزيارتهن في منازلهن".
وبحسب ما أفادت سارة وزميلاتها، لم يكن للنساء في مأرب مساحة يمكن من خلالها التجمع وتكوين الروابط. كن النساء يعشن حياة منعزلة في مآويهن، وكان من الصعب مقابلة أشخاص جدد.
منذ أن تأسست اللجنة، بدأت النساء في الالتقاء والقيام بأنشطة والاستماع إلى بعضهن البعض.
تضم لجنة الجفينة الآن أكثر من 50 عضواً، وتتألف من رئيسة واحدة للجنة، ومجموعة من قائدات القطاعات، ومتطوعات من المجتمع، ولديهن أحلام كبيرة لمستقبل اللجنة.
قالت أحلام، قائدة إحدى القطاعات: "في يوم من الأيام، نأمل أن يكون لدينا مساحة مخصصة حيث يمكننا الالتقاء والمشاركة في الدورات التدريبية التي من شأنها تمكين النساء من اكتساب مهارات جديدة مدرة للدخل، بحيث يكون هناك مكان يمكن للجميع الوصول إليه والتجمع فيه بسهولة."
واختتمت قائلة: "إذا تمكنَّا من مساعدة الأجيال الشابة من الفتيات على اكتساب المهارات التي يحتجنها، فإننا نعلم أنهن سيجدن فرص عمل أفضل وسيكون لهن مستقبل أكثر إشراقاً".