لا يتخلفن أحد عن الركب في المعركة من أجل إنتاج وتغذية وبيئة وحياة أفضل في اليمن
مع احتفالنا بيوم الأغذية العالمي 2022، يعاني اليمن من الكثير من الحقائق المحزنة
الدكتور حسين جادين ، ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في اليمن
لا زال اليمن يصارع شبح الجوع الشديد حيث تشير الارقام الأخيرة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن ما يقرب من 17 مليون شخص (أي حوالي 53% من السكان) يعيشون في وضع الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف وما فوق) بمن فيهم 6.1 مليون شخص في حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة من التصنيف). وبينما تشيرالارقام الصادرة في وقت مبكر من هذا الشهر (تحليل التصنيف المرحلي المتكامل أكتوبر- ديسمبر2022) إلى وجود تحسن طفيف في أوضاع التسعة عشر مليون شخص الذين كانوا ضمن التوقعات في التحليل السابق، إلا أن الوضع في اليمن لا يزال غير مستقر.
يُعزى التحسن الطفيف الذي حدث إلى بعض العوامل الإيجابية مثل الهدنة التي استمرت لستة أشهر ومعدل هطول الأمطار فوق الطبيعي وزيادة المساعدات الغذائية الإنسانية نتيجة تحسُن التمويل في النصف الثاني من العام.
وعلى الرغم من هذا التحسن الطفيف إلا أنه لا يزال لدينا بعض الأرقام المثيرة للقلق فعلى سبيل المثال، ارتفعت حالات سوء التغذية إلى 2.2 مليون طفل دون سن الخامسة من العمر بما في ذلك ما يقرب من نصف مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم وحوالي 1.3 مليون إمراة حامل ومرضعة.
هذه هي الحقائق المحزنة التي نواجهها في اليمن مع احتفالنا بيوم الأغذية العالمي 2022.
يُعدّ اليمن أحد أسواء الأزمات الإنسانية في العالم اليوم ولديها مشاكل جمّة تواجهها بما في ذلك الصراع والظروف المناخية القاسية. على المستوى العالمي، هناك سحابة سوداء تخيم علينا مع كم هائل من التحديات التي يلزم علينا التغلب عليها في كفاحنا ضد الجوع وسوء التغذية.
تشمل بعض التحديات العالمية الأزمة المناخية وكذلك الصراعات والتباطوء والركود الناجم عن الأزمات والتي تعتبر حالياً الدوافع الرئيسية للأزمات الغذائية. بالإضافة إلى ذلك، أدت جائحة كوفيد-19 إلى تعطيل أنظمة الغذاء العالمية لمدة عامين تقريباً كما مثلت الحرب في أوكرانيا ضربة قوية أخرى لأنظمة الغذاء العالمية التي كانت ولا تزال تترنح من آثار جائحة كورونا. وكان لهذا الوضع تأثير على جهودنا المحلية لمكافحة الجوع وسوء التغذية في اليمن.
أثّر الصراع في اليمن على سبل عيش المزارعين والرعاة والرعاة المزارعين والصيادين. يجب معالجة آثار الصراع على قطاع الزراعة لانه يلعب دورأ محورياً في اليمن. على سبيل المثال، يعتمد 73% من السكان الذي يعيشون في الريف على الزراعة في سبل عيشهم و تمارس 87% من النساء في المناطق الريفية الإنتاج الزراعي ( 80% منهن يعملن في أنشطة خاصة بقطاع الثروة الحيوانية).
تأثر اليمن بإضطرابات نظام الغذاء العالمي التي تسببت بها كورونا والحرب في اوكرانيا حيث يستورد اليمن 85% من إحتياجاته الغذائية ويستورد اليمن بشكل خاص 90% من احتياجاته من القمح والتي يأتي 42% منها من روسيا واوكرانيا.
في حين يعتمد اليمن بشدة على الواردات لتلبية متطلباته من القمح فإن الوضع أفضل بكثير فيما يتعلق بالحبوب الأخرى مثل الذرة الرفيعة والدخن. وينطبق الأمر عينه على الخضروات حيث تُعتبر اليمن مكتفية ذاتياً في هذا الجانب وهو أمر مهم جداً نظراً للدور المركزي الذي تلعبه الخضروات في تحسين التغذية وتعزيز الحياة الصحية.
على الرغم من استمرار الصراع لاتزال الزراعة قادرة على الصمود. يلبي قطاع الزراعة حوالي 15 إلى 20% من إحتياجات البلد الغذائية و قد ارتفعت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من 10.4٪ في عام 2012 إلى 13.4٪ في عام 2020. توضح هذه البيانات محورية قطاع الزراعة في اليمن وانه يستحق الإستثمار فيه من أجل تكامل الجهود الإنسانية مع تدخلات ذات طابع أكثر إستدامة وطويلة الأجل.
عملت منظمة الاغذية والزراعة بلا كلل لإعادة بناء وإستعادة الإنتاجية الزراعية وخلق فرص كسب الرزق في مواجهة إنعدام الأمن الغذائي والتغذوي المتزايد باستمرار في البلد.
تقوم تدخلات منظمة الأغذية والزراعة في اليمن في البلد على ثلاث ركائز هي:
- تحسين جودة المعلومات والبيانات من أجل الاستفادة منها في وضع برامج ذات أثر
- الحد من حدوث انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية الشديد على مستوى الأسر
- تعزيز قدرة الأشخاص والمجتمعات والمؤسسات على الصمود
في هذا الصدد، نعمل مع المزارعين الذي يكرسون وقتهم وطاقتهم لإنتاج الغذاء ومع ملاك المواشي والصيادين ومنتجي الاغذية والباعة في الأسواق وجميع الناس الذين يلعبون دوراً لضمان توفير الطعام على موائدنا. إننا نعمل من أجل الحد من سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي في اليمن من خلال أنظمة غذائية زراعية فعالة وشاملة ومرنة ومستدامة.
إننا نعمل مع الجميع ولا نترك أحداً يتخلف عن الركب.
إننا ملتزمون بضمان تحسين الأمن الغذائي والتغذوي وهو أمرمرتبط بإنتاج مستدام وسبل معيشة كريمة ولتحقيق هذا الأمر، نقوم باتخاذ إجراءات جريئة وموسعة وتعاونية.
نقوم ببناء بيئة مستدامة حيث يمكن للجميع في كل مكان في اليمن الحصول بانتظام على ما يكفي من الأطعمة المغذية. وهذا يتماشى مع شعار المنظمة: إنتاج أفضل وتغذية أفضل وبيئة أفضل وحياة أفضل.
تُقدر منظمة الأغذية والزراعة التعاون من مختلف المعنيين الذين يشاركونا المسئولية للقضاء على الجوع.
أشيد في هذه المناسبة، يوم الأغذية العالمي، بعمل المزارعين والرعاة والرعاة الزراعيين والصيادين الذين يعملون مع منظمة الأغذية والزراعة في اليمن.
هؤلاء الأشخاص هم الأبطال في مكافحة الجوع وسوء التغذية، ولا يسعني إلا أن أقول أن يوم الأغذية العالمي هو يومكم أنتم ومنظمة الاغذية والزراعة هي مجرد ميسر لهذه الاحتفالات.
إننا فخورون بأن نشارككم الإحتفال بهذا اليوم الهام.
أتمنى لكم يوم أغذية عالمي سعيد!