ثمن النزاع في اليمن على المدى الطويل
الثمن الأكبر الذي يدفعه اليمنيون هو زراعة الألغام على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد والتي ستستمر في التأثير على 31.8 مليون يمني لسنوات قادمة.
يتحمل معظم اليمنيين تكلفة النزاع الذي طال أمده في اليمن. يتزايد الفقر المدقع والتدهور الاقتصادي الحاد والنزوح ونقص الخدمات الطبية الأساسية في بلد يجسد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. لكن الثمن الأكبر الذي يدفعه اليمنيون هو زراعة الألغام على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد والتي ستستمر في التأثير على 31.8 مليون يمني لسنوات قادمة.
منذ عام 2018، وفقاً لمشروع رصد الأثر المدني، أصيب أو قُتل أكثر من 1,800 مدني في اليمن بسبب المتفجرات من مخلفات الحرب – 689 منهم من النساء والأطفال.
عيسى، 21 سنة، وهو راع ومزارع من المخا في تعز، كان واحداً من بين الذين دفعوا ثمناً مأساوياً. كان عيسى وأسرته يعيشون في قريتهم المسالمة، ويعملون في مزرعة صغيرة. استمر ذلك إلى أن أُجبر هو وأسرته على مغادرة منزلهم عندما وصل القتال إلى منطقتهم – وتحول منزله الذي كان ينعم بالسلام في يوم من الأيام إلى خط مواجهة في النزاع.
بعد عدة أشهر، وبعد انقشاع غبار المعركة، تمكن عيسى وأسرته من العودة إلى منزلهم لمحاولة إعادة بناء حياتهم والتعافي من آثار النزوح طويلة الأمد.
بعد العودة مباشرة، استأنف عيسى العمل في أرضه الزراعية. قام بزراعة الزهور في البداية، على أمل زراعة بعض النباتات الجميلة المزهرة لتنبت الأمل في المجتمع. لسوء الحظ، لم يدرك أن شيئاً آخر قد تم زرعه قبل عودة أسرته إلى الأرض: الألغام المضادة للأفراد.
في يوم مشؤوم من عام 2017، عندما كان عيسى متوجهاً إلى مزرعته، داس على واحد منها. بعد أن أغمي عليه، تم نقله إلى المستشفى لإنقاذ حياته. على الرغم من أنه لم يستطع تذكر ما حدث، إلا أنه عندما استيقظ أُصيب بانهيار عندما أدرك أنه فقد ساقه اليسرى في الانفجار.
لكن عيسى لم يكن الوحيد الذي أُصيب أو قُتل. للأسف، قُتل خمسة أشخاص وأصيب 10 آخرون ، بالإضافة إلى عشرات من رؤوس الماشية - وهي الوسيلة المهمة الوحيدة لدخل بعض القرويين. كان من المحتمل أن يكون هناك المزيد من الضحايا لو لم يتم إخطار المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في اليمن على الفور واتخاذ إجراءات سريعة – بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
تم نشر فرق مسح وإزالة الألغام بسرعة في المنطقة. قامت فرق المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في اليمن بإزالة مئات الألغام والذخائر غير المنفجرة في المنطقة. كما بدأت في تنفيذ حملات توعية واسعة النطاق في المجتمع إلى جانب نشر فرق لتوعية القرويين حول الألغام والذخائر غير المنفجرة. قامت الفرق بأنشطة تثقيفية حول تجنب الذخائر غير المنفجرة وقنوات الإبلاغ المناسبة. ساعد عمل الفرق السريع والفعال في تطهير الأراضي وتثقيف المجتمع على ضمان الحفاظ على سلامة 300 شخص، بمن فيهم 200 شخص من النازحين داخلياً، والماشية من المخاطر المميتة المستمرة للمتفجرات.
أصبحت الطرق المؤدية إلى مصادر المياه وحول المدارس والمنازل المتضررة آمنة مرة أخرى لعيسى والقرويين. يقول عيسى: "بمجرد أن علم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في اليمن عن هذا الحادث، استجابوا على الفور وقاموا بإزالة الألغام الأرضية من المنطقة، وفتحوا الطريق أمام المدنيين ليعيشوا حياة خالية من الخوف".
في عام 2021، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركائه الدوليين، تم تدريب 200 فني في مجال إزالة الألغام من قبل المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في اليمن – 17 منهم من النساء – على المسح غير التقني والتخلص من الذخائر المتفجرة والتخلص من العبوات الناسفة. نتج عن ذلك إزالة 73,930 قطعة من الألغام والذخائر غير المنفجرة (تم تدمير 25,876 قطعة منها) من مساحة تقارب 4.5 مليون متر مربع. بالإضافة إلى ذلك، تم الوصول إلى أكثر من 5.6 مليون شخص من خلال أنشطة التوعية بمخاطر الذخائر المتفجرة حيث استفاد 391 ضحية من دعم المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في اليمن.
من خلال هذه الجهود الجماعية في جميع أنحاء اليمن ، سيتمكن الناس والمجتمعات - وكذلك الثروة الحيوانية والزراعة - من الازدهار في مناطق آمنة ومأمونة لبدء إعادة بناء البلاد من أجل مستقبل أكثر إشراقاً.
***
منذ عام 2017، يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن وشركائه، والمركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في اليمن والمركز اليمني لتنسيق مكافحة الألغام، على تطوير القدرات الوطنية للاستجابة للتهديدات التي تشكلها مخاطر المتفجرات، والمساعدة في استعادة الخدمات الأساسية، وتيسير الوصول إلى البنية التحتية، وتقليل الإصابات والوفيات، وإتاحة الوصول لتقديم المساعدات الإنسانية، ودعم الحكومة والمؤسسات الوطنية لمكافحة الألغام من خلال مشروع نزع الألغام الطارئ.