اليمن: أزمة التمويل تهدد عمل برنامج الأغذية العالمي المنقذ للأرواح
٢٠ يناير ٢٠٢٢
تظهر محنة أحد الأطفال أن المساعدة التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي يمكن أن تحدث فرقاً–تحتاج المنظمة إلى 1.97مليار دولار أمريكي لمواصلة عملها في اليمن في 2022
تجبر أزمة التمويل برنامج الأغذية العالمي على تقليص المساعدات الغذائية في اليمن، مما يؤدي إلى تقليص الحصص الغذائية التي تغطي 8 ملايين شخص إلى نصف سلة الغذاء اليومية الدنيا التي تعتبر معياراً للمنظمة. يأتي هذا في أسوأ وقت ممكن يواجه 13 مليون شخص في البلاد يعتمدون على المساعدات الغذائية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي للبقاء على قيد الحياة.
في العام الماضي، قدمت الجهات المانحة 1.4 مليار دولار أمريكي لعملية برنامج الأغذية العالمي في اليمن. بهذا التمويل، تمكن برنامج الأغذية العالمي من استئناف تقديم الحصص الغذائية الكاملة لجميع الأسر التي تعاني من أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي، ومنع انتشار المجاعة – إلا أن التقدم الهش سيتراجع بسرعة إذا تم قطع المساعدات.
في شمال العاصمة اليمنية صنعاء، قبالة أحد شوارع السوق المزدحمة، يوجد مركز صحي يدعمه برنامج الأغذية العالمي. كل يوم، تملأ الأمهات والأطفال الممرات ويتكدسون في غرفتين صغيرتين مخصصتين لعلاج حالات سوء التغذية.
منذ بداية النزاع في اليمن في عام 2015، قمت بزيارة عدد لا يحصى من المراكز الصحية في جميع أنحاء البلاد. لكن عند دخولي هذا المركز في صنعاء في أوائل ديسمبر، صُعقت من شدة ازدحامه. الحياة في غاية الصعوبة على الأسر في اليمن، لكن يبدو أنها تزداد صعوبة، كما قلت لنفسي أثناء دخولي إلى العيادة.
الأمهات، وكثير منهن يحملن أكثر من طفل، تظهر عليهن علامات سوء التغذية الواضحة – الخدود غارقة والبطون المنتفخة – يجلسن بصبر وتعابير الخوف بادية على وجوههن.
بينما ينتظر الناس دورهم لرؤية عاملة صحية، لاحظت طفلاً صغيراً يبتسم لي. كان يمد يده ليلعب بهاتفي الذكي، ويضحك وهو يحاول لمس الشاشة والأزرار. أخطأت والدته في أنني طبيبة وبدأت تخبرني قصة ابنها عهد قبل أن تتاح لي الفرصة للتصحيح.
في أوائل عام 2020، تم تشخيص إصابة عهد بسوء التغذية الحاد المعتدل في أحد مراكز التغذية التابعة لبرنامج الأغذية العالمي. لم يكن يأكل بشكل جيد ووالدته نورا، 25 سنة، لم تستطع شراء حليب الأطفال لإطعامه. كانت قد توقفت عن الرضاعة الطبيعية، على الأرجح لأنها هي نفسها مصابة بسوء التغذية.
قصة نورا هي للأسف قصة سمعتها من الكثير من الأمهات خلال العام الماضي: الظروف المعيشية تزداد صعوبة أكثر وأكثر نتيجة الحرب، وأسعار المواد الغذائية التي لا يمكن تحملها، والعبء المستمر على عاتقهن في الخوف على مستقبل أطفالهن في ظل النزاع.
تم تسجيل عهد في برنامج التغذية التابع لبرنامج الأغذية العالمي، وحصل على أغذية تكميلية لعلاج سوء التغذية شهرياً لمدة عام من إحدى العيادات التي يدعمها برنامج الأغذية العالمي في صنعاء. وقد خرج الآن من البرنامج ولكنه يزور العيادة بانتظام لإجراء الفحوصات.
استمر النزاع في اليمن لما يقرب من سبع سنوات، والآن مع بداية عام جديد، تبدو التوقعات قاتمة.
قال راميش راجاسينغهام، القائم بأعمال الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية ونائب منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي في وقت سابق من هذا الشهر: "لن يأتي التغيير الأكثر تحوّلًا إلا بإنهاء القتال الذي يدعمه اتفاق سلام دائم وعادل. هذا ما يريده اليمنيون قبل كل شيء".
"المساعدات الإنسانية – بغض النظر عن مدى فعاليتها أو شمولها – لا يمكنها بمفردها حل الأزمة في اليمن ... الانهيار الاقتصادي ، الذي تسارع بسبب النزاع، هو المحرك الأكبر لاحتياجات الناس".
لكن إل أن يحل السلام، فإن الدعم الغذائي والتغذوي من قبل برنامج الأغذية العالمي هو شريان حياة حيوي للأسر. الوضع الإنساني يزداد تدهوراً وقد أجبر نقص التمويل برنامج الأغذية العالمي على خفض المساعدات الغذائية.
يحصل ثمانية ملايين شخص حالياً على حوالي نصف سلة الغذاء الموحدة المقدمة من برنامج الأغذية العالمي، والتي تهدف إلى إعالة أسرة مكونة من سبعة أفراد لمدة شهر. أيضاً، فإنه قد يتم خفض برامج التغذية لعلاج سوء التغذية والوقاية منها وبرامج التغذية المدرسية للأطفال. الوقوف في عيادة صحية مزدحمة في صنعاء، والعواقب على اليمنيين واضحة للغاية.
تعافى عهد من سوء التغذية. أشعر بالسعادة من أجله ومن أجل أمه، لكنني أعرف في أعماقي أنه لا يزال معرضاً لخطر الانزلاق مرة أخرى إلى سوء التغذية إذا استمر وضع أسرته في التدهور. ثم أن هناك ملايين من الأطفال والأمهات في اليمن بحاجة إلى دعم غذائي. بدون توفير التمويل الكافي للاستجابة الإنسانية في اليمن، فإن ذلك لن يكون ممكناً.
يحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى 1.97 مليار دولار أمريكي في عام 2022 لتقديم المساعدات اللازمة لمنع حدوث المزيد من تدهور الأمن الغذائي في اليمن.