تمويل الأنشطة الإيصالية الطبية يوفر شريان حياة في ظل الأزمة الصحية في اليمن
وصل اليمن إلى وضع لا يُحسد عليه. وفي ظل أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم
وصل اليمن منذ العام 2015 إلى وضع لا يُحسد عليه. وفي ظل أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم، أصبح ما يقرب من نصف سكان البلاد على شفا التعرض للمجاعة حيث أصيب مئات الآلاف بالكوليرا، فيما أصبح أكثر من 20 مليون شخص بحاجة للحصول على المساعدة الإنسانية والحماية.
تسبب الصراع المستمر والذي طال أمده بضرر بالغ على نظام الرعاية الصحية في البلاد، كما لم يحصل العاملون في مجال الرعاية الصحية على مرتباتهم على مدى ما يقرب من ثلاث سنوات في حين شهدت البلاد نقصاً في إمدادات الأدوية والمعدات الأساسية طوال فترة الحرب. وبالكاد تعمل نصف المرافق الصحية العامة في البلاد بكامل طاقتها. ونتيجة لذلك، أُجبر العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية على ترك أعمالهم واستمرت المرافق الصحية في فقدان موظفيها في وقت تشتد الحاجة لهم، كل ذلك في ظل جائحة فيروس كورونا التي تجتاح البلاد.
هذا يعني أن الوصول إلى مرفق صحي فاعل لا يضمن الحصول على خدمة طبية معينة. يعيش ما يقرب من 40 في المائة من السكان على مسافة تبعد أكثر من ساعتين بالسيارة من خدمات الرعاية الشاملة المتعلقة بالتوليد في الحالات الطارئة والرعاية الجراحية والرعاية السابقة للولادة. أما من حيث قطع المسافات مشياً، يعيش 45 في المائة من اليمنيين على بعد أكثر من 30 دقيقة من أقرب مرفق للرعاية الصحية الأولية التي لا تزال تعمل، في حين يعيش 68 في المائة على بعد 60 دقيقة سيراً على الأقدام من أقرب مستشفى.
انعدام خدمات الرعاية الصحية
تقع منطقة نوجد في محافظة سقطرى جنوب اليمن، وتضم عدة قرى صغيرة نائية يبلغ تعداد سكانها مجتمعة 18,000 نسمة. يوجد أكبر مرفق رعاية صحي في منطقة بدهوله ثاني أكثر المناطق كثافة من حيث السكان بعد حديبو، وتضم 15 قرية (تتكون كل منها من 100 إلى 300 شخص).
على الرغم من حجم السكان والاحتياجات الحيوية، لا يوجد بهذا المرفق الصحي خدمات الطوارئ والتوليد وأمراض النساء وخدمات تغذية الأطفال أو مختبرات طبية. كما يعاني المرفق من نقص حاد في الموظفين، الأمر الذي جعل من الصعب الحصول على الرعاية الوقائية والتشخيص الروتيني في هذا المرفق الصحي. في حقيقة الأمر، بعد القضاء على المرض الأكثر شيوعاً في هذه الجزيرة، وهو الملاريا، تفشت مكانه وبسرعة أمراضٌ أخرى كالإسهال وحمى الضنك والتيفوئيد وسوء التغذية الحاد.
يقول علي سعد جمعان، من سكان سقطرى: "لا يوجد سوى مرفق واحد للرعاية الصحية في منطقتنا بأكملها، وطبيب واحد ظل يعمل لسنوات عديدة على استقبال وعلاج المرضى. لكني آمل أن يتمكن المرفق من تقديم المزيد من الخدمات في المستقبل، ولا سيما للنساء الحوامل، حيث يتعين عليهن السفر إلى حديبو للحصول على الرعاية الطبية العاجلة. لكن بعض هؤلاء النساء يفقدن حياتهن قبل الوصول إلى هناك".
القوة التي تتمتع بها الشراكات
لحسن الحظ، يقدم مشروع الصحة والتغذية الطارئ في اليمن في الوقت الراهن خدمات الصحة والتغذية الأساسية والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في المناطق النائية والمحرومة في الماضي في اليمن، وذلك بفضل الشراكة القائمة بين المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي ومنظمة اليونيسف ووزارة الصحة العامة والسكان ومكاتب الصحة بالمحافظات.
وفي إطار مشروع الصحة والتغذية الطارئ، تدعم المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي ومنظمة اليونيسف تقديم الخدمات على مستوى الرعاية الصحية الأولية، والتي تشمل رعاية الأطفال والتغذية والخدمات العامة ورعاية المصابين وعلاج الأمراض المعدية الشائعة وخدمات مختبرية أساسية والصحة الإنجابية وصحة الأمهات والأطفال حديثي الولادة والصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي إلى جانب خدمات الصحة البيئية.
ومنذ فترة وجيزة بدأ المرفق الصحي في منطقة نوجد بتقديم اللقاحات للأطفال والنساء الحوامل وتقديم خدمات التغذية وتوفير سيارات الإسعاف لنقل المرضى والنساء الحوامل وكبار السن من المواطنين إلى المرفق الصحي. واليوم يستقبل قسم الطوارئ الولادية ما لا يقل عن 20 حالة يومياً، وقد أصبح أكثر فعالية.
لمحة عامة عن الوضع في سيئون
وعلى بعد أكثر من ستمائة كيلومتر من سقطرى تقع محافظة حضرموت التي باتت بفضل مشروع الصحة والتغذية الطارئ قادرةً على تقديم خدمات مجانية للنساء الحوامل والأطفال والمرضى الذين يحتاجون إلى رعاية صحية روتينية، بالإضافة إلى خدمات التغذية والصحة الإنجابية والتحصين.
نزحت صفية علي حسن، وعمرها 50 عاماً، إلى مدينة سيئون وأصبحت أرملة منذ عهد قريب، والآن تكافح من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرتها وبدأت تنظر إلى الرعاية الصحية باعتبارها من الكماليات. بعد مقتل ابنها الأكبر، الذي كان يساعدها في دفع ثمن المواد الغذائية الأساسية واللوازم المنزلية، تُكافح صفية بمفردها من أجل العيش وظلت تعاني من نوبات القلق الشديد كلما تعرض أحد أبناءها للمرض.
لحسن الحظ، ساهم فريق النشاط الإيصالي الطبي في التخفيف من الكثير من معاناة أسرتها، حيث لا يتعين عليهم السفر لمسافات طويلة أو دفع تكاليف المواصلات والعلاج. وفي هذا الصدد تقول: "يقدم لنا فريق النشاط الإيصالي العديد من الخدمات الأساسية، إلى جانب استقبال العديد من الحالات من أُسر أخرى مثل أسرتي، وآمل أن يتمكن هذا الفريق من الاستمرار".
تتم الأنشطة الإيصالية المجتمعية في مدينة سيئون كل أسبوع مع فرق من المتخصصين التي تجوب المنطقة. والآن يمكن للأخصائيين في مجالات التحصين والصحة الإنجابية وصحة الطفل والتغذية معالجة المواطنين اليمنيين في منازلهم.
يعمل علي عمر أحمد طيب، 25 عاماً، في مجال التمريض، حيث يقول: "لقد أحدث الدعم الذي تلقيناه فرقاً كبيراً في الخدمات التي يقدمها المرفق الصحي. لقد اقتربنا الآن من نسبة 90 في المائة من القدرة التشغيلية".
اعتباراً من أبريل 2021، حقق مشروع الصحة والتغذية الطارئ التابع للبنك الدولي واليونيسف ما يلي:
- إجراء 537,193 ولادة تحت إشراف عاملين صحيين من ذوي القدرات والمهارات.
- حصول 1.25 مليون امرأة حامل على خدمات رعاية ما قبل الولادة.
- حصول 2.8 مليون يمني على خدمات التحصين ضد الكوليرا.
- تلقي 37,482 عاملاً في مجال الرعاية الصحية تدريباً موجها.
- تجهيز وإعداد 4,246 مرفق صحي لدعم وعلاج المرضى.
- تلقي 1,964 مرفقاً صحياً دعماً مباشراً، بما في ذلك الإمدادات والمعدات الاعتيادية والأجر اليومي للعاملين الصحيين للقيام بزيارات مجتمعية.
- تطعيم 7.6 مليون طفل ضد الأمراض التي يمكن الوقاية منها.
- حصول 1.3 مليون امرأة على خدمات التغذية الأساسية.