يونيسف اليمن: نحو تمكين النازحين في اليمن: تسهيل الحصول على شهادات الميلاد للوصول إلى التعليم
تعمل اليونيسف وشركاؤها على مساعدة الأسر داخل مخيمات النازحين باليمن في الحصول على شهادات الميلاد وإعادة أطفالهم إلى المدارس.
وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن اليونيسف، يوجد حالياً 4.5 مليون شخص نازح في اليمن. وتلك هي العائلات التي اضطرت إلى الفرار من منازلها بسبب النزاع العسكري المحتدم والذي يعصف بالبلد منذ سنين طويلة.
واليوم، يقطن هؤلاء الأشخاص بشكل رئيسي في مخيمات النازحين الواقعة في مناطق نائية منتشرة في جميع أنحاء اليمن.
أحد أبرز التحديات التي تواجه هؤلاء الأشخاص هو عدم وجود وثائق ثبوتية سارية، خصوصاً شهادات ميلاد الأطفال، ما يجعل من الصعب للغاية معرفة أولئك الذين يحتاجون إلى الدعم وتوزيع الإمدادات وبناء نظم اجتماعية فعالة في وقت باتت فيه البلاد ضعيفة فعلياً و بشكل كبير بسبب الحرب.
تقول نورا عبد الله محسن ربوان، أم لأربعة أطفال وتعيش حالياً في أحد مخيمات النازحين بمأرب: "أطفالي ليس لديهم أي شهادات ميلاد لأن حياتنا تدمرت جراء الحرب والنزوح"، وتردف قائلة: "فقدنا الوثائق عندما اضطررنا إلى الفرار ولم نتمكن من الحصول على شهادات ميلاد للأطفال لأننا نعيش الآن بعيداً عن دائرة الأحوال المدنية".
بدورها تقول عبير ناجي محمد، المشرفة على مراكز التعليم المسرع، التي تم إنشاؤها مع مرافق أخرى، بغية توفير فصول دراسية مؤقتة في مخيمات النازحين: "في الحقيقة أن العديد من الآباء لا يحصلون على شهادات ميلاد لأطفالهم لأنهم يعيشون في مناطق نائية، والسفر إلى الأماكن التي يمكن فيها إصدار مثل هذه الوثائق أمر مكلف للغاية بل وخطير في الوقت الراهن ."كما أن الكثير منهم لا يستطيعون تحمل رسوم الحصول على تلك الوثائق، ولهذا السبب فإنه من دواعي الارتياح الكبير أن تقوم اليونيسف بتغطية هذه الرسوم ومساعدة الأسر في الحصول على تلك الوثائق المهمة."
وقبل كل شيء، تعتبر شهادة الميلاد وثيقة أساسية تمكن الطفل من التسجيل في المدرسة. وطبقاً للمسح العنقودي متعدد المؤشرات في اليمن لعام 2023، فإن واحداً من كل أربعة أطفال في سن التعليم الأساسي هم خارج المدرسة اليوم، وهذا وضع صعب يجعل الأطفال اليمنيين عرضة للاستغلال والجريمة والاتجار بالبشر وغيرها من السيناريوهات العدوانية.
من جانبها، توضح مشيرة صالح الحجازي، والتي تعمل مشرفة في برنامج التعلم المسرع الذي تدعمه اليونيسف بتمويل من الاتحاد الأوروبي في مدرسة النصر: "في مخيمات النازحين، نرى أحياناً أطفالاً ما يزالون خارج المدرسة لأكثر من أربع سنوات. هناك الكثير من هؤلاء الأطفال حرموا فرصة الالتحاق بالمدارس لأنهم لا يملكون شهادات ميلاد على وجه التحديد ".
وأضافت مشيرة وزميلتها عبير أن مراكز التعليم المسرع تستهدف الأطفال الأكثر ضعفاً وتساعدهم على العودة إلى مقاعد الدراسة حتى بعد عدة سنوات من الاتقطاع عن المدرسة.
وتردف مشيرة بالقول: "استهدف البرنامج حوالي 250 طفلاً في مخيم السامية ومدرسة النصر وجميعهم الآن لديهم شهادات ميلاد. قبل تنفيذ هذا البرنامج، كان نصف هؤلاء الأطفال خارج المدرسة. لقد تمكنا حتى الآن من إشراك 420 طفل في المخيم في ثلاث مراحل تعليمية. إنه لإنجاز عظيم ونحن ممتنون جد لجميع الأشخاص المنظوين في البرنامج والذين جعلوا بجهودهم هذا الأمر ممكناً.
أما نورا، التي تعيش الآن مع عائلتها في أحد مخيمات النازحين فتشرح قائلةً: "أطفالنا الذين اضطروا إلى ترك المدرسة بسبب النزوح حصلوا على تعليم تعويضي واستكملوا دراستهم". وتضيف: "بفضل شهادات الميلاد هذه، يمكننا الآن إصدار بطاقات هوية لأطفالنا إلى جانب أشياء أخرى كثيرة".
شهادة الميلاد هي الوثيقة الأولى وربما واحدة من أهم الوثائق في حياة الفرد. حيث أنها تتيح الوصول إلى الحقوق الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية المؤهلة، وتجعل من الطفل كياناً "مرئياً" بشكل رسمي. وهذا بدوره سيساعد السلطات على تقديم الدعم للأطفال والآباء ومعالجة التحديات التي يواجهونها خلال هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها اليمن في الوقت الراهن.
اليوم، تعمل اليونيسف وشركاؤها على مساعدة الأسر داخل مخيمات النازحين باليمن في الحصول على شهادات الميلاد وإعادة أطفالهم إلى المدارس. لا تنحصر مهمة مراكز التعليم المسرع في مساعدة الأطفال على استكمال تعليمهم فحسب، بل توفر أيضاً دورات تدريبية للتوعية بمخاطر الألغام مصحوية بخدمات الدعم النفسي.
فكل هذه الأمور هي المنقذ النهائي لحياة المناطق التي تعاني من مخلفات الحرب وغيرها من العواقب الوحشية للنزاع العسكري الذي طال أمده. فهذه الخدمات مجتمعة تمنح البلد التي مزقتها الحرب الأمل في مستقبل مشرق ومستقر وسلمي، وتبث الحياة مجدداً في الفصول الدراسية المهجورة والقلوب اليائسة.