يونيسف - اليمن: ردم الفجوة التعليمية بين الأطفال النازحين بسبب النزاع في اليمن
تساعد برامج القرائية والحساب الأطفال على العودة التدريجية إلى منظومة التعليم الرسمي في مأرب
يقول منصور، وهو صبي يبلغ من العمر 12 عاماً ويعيش حالياً في شمال مأرب باليمن: "كان النزوح هو التجربة الأصعب التي واجهتها طوال حياتي" ويضيف "كنا ننعم بحياة مريحة، غير أن اندلاع الحرب أجبرنا على النزوح. وبعد أن هدأت الحرب عدنا لنجد مدينتنا وبيوتنا مدمرة... فكل ما نملكه قد ذهب أدراج الرياح."
وكان منصور وعائلته قد فروا إلى مدينة مأرب في أوج النزاع قبل أن يعودوا إلى مجزر شمال غرب محافظة مأرب قبل عامين. فبالإضافة إلى ضياع عام دراسي كامل، بات أيضاً يرعى الأغنام لإعالة أسرته.
يوضح منصور، الذي لم يتمكن من العودة إلى منزله الأصلي قائلاً: "أعيش في المخيم مع أمي وأبي وإخوتي وأخواتي وأبناء إخوتي". غالباً ما يواجه النازحين الذين يقطنون المخيمات، تماماً كما هو الحال في المخيم الذي يعيش فيه، ظروف مأوى غير ملائم ومرافق مياه وصرف صحي متردية، ناهيك عن افتقاد الخدمات الأساسية، ما يشكل تحديات إضافية للأطفال.
الطفل منصور هو واحد من ملايين الأطفال الذين أجبروا على ترك المدرسة بسبب النزاع الذي طال أمده والذي يدخل الآن عامه التاسع. ووفقاً للمسح العنقودي متعدد المؤشرات لعام 2023، هناك طفل من كل أربعة أطفال في سن التعليم الأساسي لا يذهب إلى المدرسة في اليمن، فيما يتوجب على أولئك الذين بمقدورهم الالتحاق بالمدرسة التعامل مع مشكلة اكتظاظ الفصول الدراسية وكذا المعلمين المثقلين بالأعباء وغير المؤهلين.
بلغ إجمالي عدد النازحين في كافة مناطق اليمن منذ تصاعد الحرب عام 2015 نحو 4.5 مليون شخص، بينهم 1.3 مليون طفل، كما أن أكثر من 30 في المائة من الأسر النازحة عرضة للنزوح المتعدد، وفقاً لوثيقة نظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2024. وسط النزوح والظروف الاقتصادية القاسية، يلجأ أغلب الأطفال غير الملتحقين بالمدارس للانخراط في عمالة الأطفال أو في الأعمال المنزلية من أجل البقاء وإعالة أسرهم، مما يزيد من صعوبة تعويض سنوات التعليم الضائعة.
يتحدث حسن حسين مبارك هاجر الذي يعمل مديرا لمدرسة السحاري الابتدائية والثانوية ويقول "بسبب الاضطرابات والظروف المعيشية السيئة، يعمل معظم الأطفال هنا مع أبائهم. حيث ينخرطون في عدة قطاعات منها رعي الأغنام والزراعة والتجارة. فهم يعملون لمساعدة أسرهم بسبب الفقر... فالناس هنا عموماً يفتقرون إلى أبسط الضروريات".
في حين أن منصور على استعداد للعودة إلى التعليم النظامي، إلا أنه بحاجة كذلك إلى تعويض ما فاته من دروس. لذلك، حين علم بوجود دروس تعويضية مجانية لمساعدة الأطفال على العودة إلى المدرسة، شعر بالابتهاج.
تنفذ اليونيسف حالياً، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، برامج مجانية للتعليم المسرع، وهي جزء من سلسلة مناهج دراسية يحتاج الأطفال لاجتيازها قبل إجراء تقييم أهليتهم للعودة إلى التعليم الرسمي. يهدف هذا البرنامج إلى إكساب الطلاب مهارات القراءة والكتابة والحساب الأساسية.
مدرسة السحاري الابتدائية والثانوية حيث يدرس منصور هي من بين المدارس التي تقدم حصص تعليم رسمي للطلاب في الفترة الصباحية بينما يتم تنظم فصول التعليم غير الرسمي في فترة ما بعد الظهر والتي هي مخصصة لمساعدة الأطفال خارج المدرسة. يشمل الدعم المقدم التعليم غير الرسمي أيضاً تدريب المعلمين بالإضافة إلى تقديم حوافز للمعلمين.
يذكر نجيب خالد ردمان الحيدري، وهو موجه من أبناء المنطقة، إن المشروع حشد الدعم المجتمعي واجتذب بشكل فعال العديد من الأطفال الذين يحتاجون إلى تعليم استدراكي. "خلال الأسبوعين الذين سبقا انطلاق البرنامج، قمنا بجولة في أوساط المجتمع للتعرف على الأطفال الذين تركوا المدرسة. كما ذهبنا إلى مخيمات النازحين والقرى والمنازل النائية بغية الوصول إلى جميع الأطفال المستهدفين أينما وجدوا".
يقول حسن حسين مبارك هاجر: " لاحظنا تحسناً كبيراً في تحصيل طلابنا"، مضيفاً أن ذلك أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمحافظة التي تعاني من تراجع معدلات الالتحاق بالمدارس على خلفية النزوح الجماعي والاضطرابات في المناطق الواقعة على طول الخطوط الأمامية مشيراً إلى أن "الدعم مثل خطوة جبارة ونحن بحاجة بالفعل لأن يستمر".
أمضى منصور حتى الآن أكثر من ثلاثة أشهر وهو يحضر الدورس التعويضية. وهنا قال منصور بفخر: "لقد تعلمت كل ما أريد: القراءة والكتابة والضرب والطرح والقسمة وغير ذلك الكثير والكثير".
ورداً على سؤال حول أمله في المستقبل، قال منصور: "أتمنى أن أصبح طبيباً"، وأردف "أريد أيضاً العودة إلى منزلي السابق واللعب مع أصدقائي هناك مجدداً. أريد العودة مع جميع أفراد أسرتي بالطبع، بما في ذلك عماتي وأعمامي".
بتمويل من الاتحاد الأوروبي، تنفذ اليونيسف برامج التعليم غير النظامي للأطفال الذين تسربوا من المدارس وتدعم المعلمين بحوافز شهرية. وحتى الآن، دعمت اليونيسف 40.000 طفل للوصول إلى دروس القراءة والكتابة والحساب الأساسية بالإضافة إلى برامج التعلم المسرع في كلٍ من تعز ومأرب والحديدة وحجة وإب.