جنيف، في 10 أيلول/ سبتمبر 2019
سيّدي الرئيس،
أصحاب السعادة،
أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزّاء،
يسعدنا أن نكون معكم اليوم، ويشرّفنا أن نرحّب بأعضاء فريق الخبراء البارزين في اليمن، كامل جندوبي، وميليسا بارك.
وقبل أن نستمع إلى النتائج المفصّلة التي توصّلوا إليها والتوصيات التي سيرفعونها، نودّ أن نسلّط الضوء على الأسباب التي تجعل انخراطنا في اليمن أمرًا بالغ الأهميّة.
يعيش الشعب اليمني أزمة إنسانيّة مروّعة. كلّ مصادر البؤس والمعاناة الإنسانيّة التي يمكن تصورها موجودة في هذا الصراع : الحرب والمرض والمجاعة والانهيار الاقتصاديّ والإرهاب الدوليّ وانتهاكات حقوق الإنسان الواسعة النطاق وجرائم الحرب المحتملة.
اجتاحت المعاناة كلّ جوانب الحياة اليوميّة تقريبًا. فتوقّفت الخدمات والمؤسسات الأساسيّة عن العمل. كما افتقر ملايين النساء والرجال والأطفال إلى الرعاية الصحيّة الأساسيّة. وارتفعت الأسعار ارتفاعًا حادًا في المناطق الحضريّة. وعطّل النقص في الوقود الأسواق المحليّة. وانهارت البنى التحتيّة الحيويّة. وفقد الناس سبل عيشهم أو أنّهم لم يتقاضَوا أجرهم. وأُجبِر العديد من العائلات على الفرار من منازلها. وكان تأثير ذلك على المدنيّين مأساويًّا إلى أقصى الحدود. فما يقارب 80 في المائة من السكان، أي أكثر من 24 مليون شخص، يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانيّة والحماية. ويواجه أكثر من ثلثي مناطق البلاد خطر تفشّي المجاعة.
كما أنّ عدد القتلى المدنيّين في ارتفاع مستمرّ. فمنذ 5 أيلول/ سبتمبر 2019، تأكّد موظفونا في اليمن من وقوع 7,508 قتلى في صفوف المدنيّين، من بينهم 1,997 طفلاً، سقطوا منذ 26 آذار/ مارس 2015.
كما أدّت الغارات الجويّة للتحالف بقيادة الولايات المتّحدة التي استهدفت الأسبوع الماضي مبنى كليّة المجتمع في ذمار، إلى مقتل ما لا يقل عن 109 أشخاص وإصابة 50 آخرين. ويحقّق مكتب مفوضيّتنا في اليمن حاليًا في هذا الهجوم.
سيّدي الرئيس،
تتحمّل كافة الأطراف في النزاع مسؤوليّة انعكاساته الرهيبة على شعب اليمن. ففي حين أنّ معظم الإصابات في صفوف المدنيّين نجمت عن الغارات الجويّة التي شنّها التحالف بقيادة السعوديّة، وثّقت مفوضيّتنا أيضًا وقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيّين، سبّبته القوّات واللجان الشعبيّة المرتبطة بالحوثيّين، ووحدات الجيش الموالية للرئيس هادي، والقوّات المتحالفة مع المجلس الانتقاليّ الجنوبيّ، والمجموعات الأخرى.
كما نشعر بقلق بالغ حيال التدهور السريع للأوضاع الأمنّية وحقوق الإنسان في الجنوب، حيث وقعت اشتباكات مسلّحة بين القوّات المتحالفة مع المجلس الانتقاليّ الجنوبيّ والقوات الحكوميّة. فمنذ مطلع شهر آب/ أغسطس، تأكّدت مفوضيّتنا من سقوط 63 ضحيّة مدنيّة نتيجة هذه الاشتباكات، منهم 25 قتيلاً و38 جريحًا في محافظات عدن ولحج وشبوة وأبين.
وشنّت القوّات المتحالفة مع المجلس الانتقاليّ الجنوبيّ حملة اعتقالات وترحيل جماعيّة ضد الشماليّين في محافظة عدن، وبعض أنحاء محافظتَي لحج وأبين. وتشير معلومات تلقتها مفوضيّتنا إلى أنّه تم احتجاز أكثر من ألف مدنيّ من أصول شماليّة، بمن فيهم أطفال، وترحيلهم قسرًا إلى شمال اليمن. كما تحقّقت مفوضيّتنا من ثلاث حالات قتل خارج نطاق القضاء ارتكبتها قوّات الحزام الأمنيّ في عدن ولحج.
لقد قيّدت جميع الأطراف في النزاع حركة العاملين في المجال الإنسانيّ وحركة السلع. وهاجمت جميعها الصحفيّين والإعلاميّين والمدافعين عن حقوق الإنسان أثناء قيامهم بعملهم المشروع. وشاركت جميعها في عمليات اعتقال تعسفيّة أو غير قانونيّة.
يرقى العديد من هذه الانتهاكات للقانون الدوليّ لحقوق الإنسان والقانون الإنسانيّ الدوليّ إلى جرائم الحرب. ويجب محاسبة جميع المسؤولين كي نعطي فرصة لتحقيق سلام ومصالحة مستدامين.
سيبقى التزامنا تجاه اليمن وشعبه كاملاً غير منقوص. وستواصل مفوضيّتنا توثيق الانتهاكات والدعوة من دون كلل أو ملل إلى محاسبة الجناة. ويساهم عمل فريق الخبراء البارزين مساهمة مهمّة في الجهود المبذولة لإنشاء آليات مساءلة خاصة بضحايا النزاع. وندعو جميع الدول الأعضاء إلى أخذ توصياتها الهامة في الاعتبار وإلى تنفيذها.
وشكرًا.
نرحب الآن برئيس فريق الخبراء البارزين، السيد كامل جندوبي، كي يشاركنا التقرير الجديد.