اليمن: تواصُل الحملات الجماعية لإنهاء خطر أمراض المناطق المدارية في خضم الصراع الدائر
____________
تُعد البلهارسيا والديدان الطفيلية المنقولة عن طريق التربة من الأمراض المدارية المهملة، لكن العدوى الناتجة عن الديدان الطفيلية يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بفقر الدم وسوء التغذية وصعوبات التعلم بين الأطفال. ولو تُركت البلهارسيا دون علاج فيمكنها أن تؤدي إلى إلحاق أضرار بالكبد والأمعاء والمثانة والطحال والرئتين، وأما الديدان الطفيلية المنقولة عن طريق التربة فيمكنها التسبب في العديد من المشكلات منها بطء النمو البدني والعقلي.
وقد واجهت هيئات الصحة العامة مصاعب كبيرة على مدى أكثر من عشر سنوات في تصديها لداء البلهارسيا، بدعم من شركاء كالمؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية. وفي عام 2010، كان هناك واحد من بين كل خمسة من سكان اليمن معرضاً لخطر الإصابة بالبلهارسيا، أما اليوم فقد انخفض هذا العدد إلى أقل من واحد من بين كل 15 شخصاً (نحو ثلاثة ملايين شخص). وتوجد بيانات محدودة عن الديدان الطفيلية المنقولة عن طريق التربة التي تؤثر على المجتمعات المحلية في عموم اليمن، لكن وضع هذه الإصابات تحت السيطرة يُعد هدفاً آخر من أهداف الصحة العامة.
ويتطلب القضاء على البلهارسيا إعطاء الأدوية على نطاق واسع، حيث يعالَج أفراد السكان المستهدفين مرة واحدة في السنة. ويتم تنفيذ عدة جولات من إعطاء أدوية على مدى عدة سنوات للتخلص من أحد تجمعات الديدان الطفيلية. وقد ساعد المشروع الطارئ للصحة والتغذية، الذي تموله المؤسسة الدولية للتنمية، صندوق البنك الدولي لمساعدة أشدّ بلدان العالم فقراً، على القضاء على داء البلهارسيا كإحدى مشكلات الصحة العامة في اليمن.
وعن ذلك، قالت تانيا ميير، مديرة مكتب اليمن بالبنك الدولي: "لا شيء أروع من أن تعلو البسمة مُحيّا كل طفل. ولهذا يمثل هذا المشروع فرصة بالغة الأهمية للحد من عبء المرض بين اليمنيين الأكثر احتياجاً، لا سيما الأطفال، ويأتي في إطار استراتيجية البنك الدولي للاستثمار في الشعب اليمني باعتباره العماد الحقيقي لهذا البلد".
وخلال الحملة الجماعية الأخيرة التي استغرقت أربعة أيام، تم استهداف نحو 860 ألف طفل ومراهق تتراوح أعمارهم بين 6 و19 سنة (سواء مقيدين في المدارس أم لا) في سبع محافظات تقع في جنوب البلاد وشرقها، وهي: أبين وحضرموت/المكلا وحضرموت/سيئون ولحج ومأرب وشبوة وتعز. وإجمالاً فقد شملت الحملة 37 مديرية و373 رئيسَ فريق و1070 مشرفَ فريق و2140 موزعَ أدوية، وتم الوصول إلى أكثر من 80% من السكان المستهدفين.
كما يحرز اليمن أيضاً تقدماً في مكافحة الأمراض المدارية المهملة الأخرى؛ ففي عام 2019 تم القضاء على داء الفيلاريات اللمفي باعتباره إحدى مشكلات الصحة العامة، حيث ينتشر بفعل البعوض المصاب ويتسبب في تورم الأطراف. ويجري حالياً إصدار شهادة إدارية بالقضاء على الجذام في اليمن، وتبذل الفرق الفنية جهداً دؤوباً للقضاء على العمى الناتج عن العدوى، كالرمد الحبيبي (التراخوما) بحلول 2024 والعمى النهري بحلول 2030.
وصرّح الدكتور أدهم رشاد إسماعيل عبد المنعم، ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، بقوله: "هذا التقدم مشجع، ويُعد بادرة تنمّ عن إمكانية القضاء على البلهارسيا كإحدى مشكلات الصحة العامة في اليمن في السنوات الخمس القادمة، لكن بلوغ هذا الهدف سيتوقف على استمرار دعم الشركاء".
نُفذت الحملة بالتعاون الوثيق مع وزارة التربية والتعليم ومركز التثقيف الصحي التابع لوزارة الصحة العامة والسكان باليمن. وأُعدت خطط محلية فنية وإحصائية، وتنفيذ دورة تدريبية للمدربين، وإقامة ورش عمل لموزعي الأدوية ورؤساء الفرق المسؤولة عن منشآت العلاج الثابتة والمتنقلة. وأجرى فريق خارجي متابعة مباشرة للأنشطة ومقابلات مع نحو 4 آلاف شخص ينتمون إلى 1000 أسرة معيشية تم اختيارها عشوائياً.
واستهدفت الحملة التي نُفّذت في يناير/كانون الثاني 2021 عدد 2.4 مليون شخص في 3300 موقع في 32 مديرية في سبع محافظات شمالية، وشارك فيها 6700 موزع أدوية، حيث تم توزيع نحو 4.8 ملايين قرص برازيكوانتيل و 2.4 مليون قرص ألبيندازول.
ومن المقرر تنفيذ المزيد من الحملات الجماعية لمكافحة الديدان الطفيلية المنقولة عن طريق التربة والبلهارسيا خلال عام 2022، مع زيادة الاستثمارات لتحسين مشاركة المجتمعات المحلية من أجل الوصول إلى أكثر من 80% من السكان المستهدفين في المستقبل.