تقرير مراقبة تنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2021 م اليمن
تسببت أكثر من ست سنوات من الحرب في انزلاق اليمن نحو حافة المجاعة وتهجير ملايين الأشخاص من ديارهم وتدمير الاقتصاد وعززت من انتشار الأمراض، بما في ذلك فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19). يؤدي الحصار الاقتصادي الممتد وانهيار الخدمات الأساسية والمؤسسات العامة إلى تفاقم معاناة السكان في اليمن، وزيادة الاحتياجات حتى في ظل استمرار عدم كفاية التمويل الإنساني. ساعدت المستويات غير المسبوقة للمساعدات الإنسانية على تفادي المجاعة والكوارث الأخرى في السنوات الأخيرة، ومع ذلك لا تزال العوامل الرئيسية المحركة للأزمة قائمة، ولا يزال اليمن معرضاً بدرجة كبيرة لخطر الانزلاق إلى أزمة أكثر عمقاً.
في حين يُشار إليها بوصفها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم على مدى نصف العقد الماضي، فإن حوالي 20.7 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة الإنسانية والمساعدة في مجال الحماية، فيما أكثر من 4 ملايين شخص هم من النازحين داخلياً، وهو ما يجسد رابع أكبر عدد للنازحين داخلياً على مستوى العالم. بين يناير ويونيو من هذا العام، أفاد مشروع مراقبة أثر الصراع على المدنيين بسقوط ما يقدر بنحو 1,023 شخص من الضحايا في صفوف المدنيين في اليمن، في حين أفادت آلية الرصد والإبلاغ عن الانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد الأطفال في أوقات النزاع المسلح عن مقتل 82 طفلا وإصابة 268 طفلا بسبب النزاع، وتسجيل 16 هجوم على الأقل ألحق أضراراً بالمدارس والمستشفيات 1 . خلال نفس الفترة، نزح أكثر من 41,000 شخص في مناطق خاضعة للحكومة اليمنية، وفقاً لمصفوفة تتبع النزوح الخاصة بالمنظمة الدولية للهجرة. كما تشير تقديرات مصفوفة تتبع النزوح الخاصة بالمنظمة الدولية للهجرة في اليمن إلى أن حوالي 10,000 شخص من المهاجرين دخلوا اليمن، معظمهم من إثيوبيا والصومال، بهدف التوجه إلى المملكة العربية السعودية. بالإضافة إلى ذلك، يستضيف اليمن حوالي 140,000 شخص من طالبي اللجوء واللاجئين، يعاني الكثير منهم من ظروف غير إنسانية ويواجهون التمييز والوصم والتهميش بشكل متزايد؛ خاصة في سياق جائحة فيروس كورونا المستجد.
في حين أن 50 بالمائة فقط من المرافق الصحية في اليمن لا تزال تعمل حالياً، فإن استمرار الجائحة يفرض ضغوطاً إضافية على النظام الصحي الهش أصلا في البلاد. بحلول نهاية يونيو، تم تسجيل 6,920 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد في اليمن، بما في ذلك 1,361 حالة وفاة و 4,068 حالة تعافي. فضلا عن المخاطر الصحية والوفيات الناجمة عن المرض، فإن انتشاره قد تسبب أيضاً في إحجام الناس عن التماس العلاج لتلبية الاحتياجات الطبية الأخرى. بدأت حملات التطعيم ضد فيروس كورونا المستجد في اليمن في 20 أبريل 2021 ، حيث تلقى حوالي 270,601 شخص في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية جرعتهم الأولى في نهاية يونيو – 20,276 شخص من العاملين الصحيين و 33,472 شخص ممن تخطوا الستين عاماً و 216,853 شخص مصابين بأمراض
متعددة أو معرضين لخطر أكبر. انطلقت حملة التطعيم الثانية ضد فيروس كورونا المستجد في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية في 26 يونيو، بينما بدأت حملة التطعيم الأولى في المناطق الخاضعة لسيطرة سلطة الأمر الواقع في 20 يونيو، واستهدفت العاملين الصحيين حصراً.
ظلت بيئة العمل في اليمن صعبة للغاية في النصف الأول من عام 2021 ، من حيث الوصول العملياتي والمتطلبات البيروقراطية. حتى يونيو، تأثرت 51 مديرية في جميع أنحاء اليمن بشكل مباشر بسبب خطوط المواجهة النشطة، مقارنة مع 45 مديرية في عام 2020 و 35 مديرية في نهاية عام 2019 . تسبب تصاعد الأعمال القتالية وتحول خطوط المواجهة في محافظتي مأرب والبيضاء، إلى جانب استمرار الاشتباكات في حجة والحديدة والضالع ومدينة تعز والمناطق المجاورة، في خلق تحديات أمام استمرار البرامج الإنسانية وتفاقم الاحتياجات الإنسانية وزيادة النزوح. بحلول نهاية يونيو، أصبحت 45 بالمائة من تجمعات المساكن العشوائية التي تستضيف النازحين ضمن نطاق 5 كيلومترات من خط المواجهة المحتدم.
خلال الفترة المشمولة بالتقرير، واصلت المنظمات الإنسانية المناصرة مع السلطات لحل العوائق البيروقراطية التي تحول دون الوصول الإنساني في الوقت المناسب والمستدام والقائم على المبادئ إلى الأشخاص المحتاجين. تم إحراز تقدم من خلال هذا الانخراط المنسق مع السلطات، ولا سيما فيما يتعلق بالحد من تراكم الاتفاقات الفرعية لمشاريع المنظمات غير الحكومية المعلقة وفيما يتعلق بالموافقة على انطلاق التقييمات المنسقة على مستوى البلاد، بما في ذلك التقييمات المتعددة القطاعات للمواقع وتقييمات الأمن الغذائي وسبل كسب العيش ومسوحات الرقابة والتقييم القياسي للإغاثة والظروف الانتقالية (سمارت).
منذ اندلاع النزاع، انكمش حجم الاقتصاد اليمني إلى أكثر من النصف، حيث يعيش أكثر من 80 بالمائة من السكان الآن تحت خط الفقر. يتجلى الانهيار بشكل واضح في فقدان الدخل وانخفاض قيمة الريال اليمني وفقدان الإيرادات الحكومية وارتفاع أسعار السلع الأساسية والقيود المفروضة على الواردات، بما في ذلك الوقود. في النصف الأول من هذا العام، انخفضت قيمة الريال بنحو 34 بالمائة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، ووصلت إلى أدنى مستوياتها القياسية لتبلغ نحو 1,000 ريال يمني مقابل الدولار الأمريكي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى في هذا الاقتصاد المعتمد على الواردات. في ظل بقاء فرص كسب العيش وتوليد الدخل دون تغيير، أثر ارتفاع تكلفة الحد الأدنى للسلة الغذائية بين يناير ويونيو بشكل كبير على القدرة الشرائية للمدنيين العاديين، الأمر الذي أجبر الناس على العمل أياماً أكثر لتلبية الحد الأدنى لتكلفة الغذاء هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة. على المستوى الوطني، ارتفع متوسط تكلفة الحد الأدنى للسلة الغذائية بنحو 23 بالمائة من يناير إلى يونيو 2021 . انخفضت القدرة الشرائية للأسر الضعيفة مثل العمال الزراعيين بأجر )وهو مصدر مهم لكسب العيش لغالبية اليمنيين( مقارنة بعام 2020 ، مع اضطرار الأسر إلى العمل أياماً أكثر هذا العام لتلبية الحد الأدنى لتكلفة الغذاء. كانت المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية هي الأكثر تضرراً، على الرغم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية أيضاً في المناطق الخاضعة لسيطرة سلطة الأمر الواقع، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع أسعار الوقود 2 .
تفاقمت أزمة الوقود الممتدة التي بدأت في منتصف عام 2020 ، والتي تُعد أكثر انتشاراً في الشمال، في النصف الأول من عام 2021 وتسببت في تفاقم الوضع الإنساني الصعب أصلا.ً في سابقة لم تشهدها البلاد منذ بداية النزاع، لم تدخل أي واردات تجارية من الوقود إلى ميناء الحديدة لمدة 52 يومًا في الربع الأول من العام، من 28 يناير إلى 21 مارس 2021 . بالنظر إلى أن أكثر من نصف واردات اليمن التجارية من الوقود كانت تأتي عبر ميناء الحديدة في الأعوام الأخيرة، فقد كان لذلك أثر كبير على توافر الوقود وأسعاره، وارتفاع تكلفة النقل والمواد الغذائية والسلع الأخرى وتعريض الخدمات الطبية للمخاطر فضلا عن إمدادات المياه النظيفة والكهرباء.
لا يزال انعدام الأمن الغذائي يمثل تحدياً رئيسياً ويكون أكثر شدة في المناطق التي تشهد احتدام النزاع أو المناطق المحيطة التي يكون وصول المساعدات الإنسانية إليها عرضة للتقييد بسبب الوضع الأمني. في حين شهد الوضع الإنساني تحسناً بعد أن بلغ انعدام الأمن الغذائي ذروته في عام 2018 ، إلا أن استمرار النزاع ونقص الوقود والأزمة الاقتصادية ونقص التمويل يعني أن ملايين الأرواح لا تزال في خطر. تشير توقعات تحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن 16.2 مليون شخص في اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الثالثة وما يليها في التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) هذا العام، ويُعزى ذلك أساساً إلى النزاع والصدمات البيئية وضعف النظم الاجتماعية والاقتصادية والإدارية. حتى في ظل المستويات الحالية للمساعدات الإنسانية، تعاني 12 محافظة من محافظات اليمن البالغ عددها 22 محافظة من فجوات كبيرة في استهلاك الغذاء، حيث يعاني 40 بالمائة أو أكثر من السكان من عدم كفاية استهلاك الغذاء. من بين هذه المحافظات، تعاني خمس محافظات من فجوات كبيرة جداً في استهلاك الغذاء، حيث يعاني 20 بالمائة أو أكثر من سكانها من ضعف درجات استهلاك الغذاء 3 . تم تصنيف أربع محافظات – الضالع والجوف وعمران وريمة – بوصفها تمر في المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي بين يناير ويونيو 2021 ، الأمر الذي يشير إلى وجود مخاطر عالية ومعاناة طويلة الأمد. في اثنتين من هذه المحافظات يوجد أشخاص في المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي الكارثة.
خلال الفترة المشمولة بالتقرير، تم الوصول إلى 10.3 ملايين شخص من خلالالمساعدات الإنسانية، في قطاع واحد على الأقل.