هايلة: خمسون عاماً من الشغف المستمر بزراعة العنب
_______________
تقول هايلة والابتسامة مرسومة على وجهها: "نحن - النساء - نساعد بعضنا البعض في مزارعنا. وعندما أريد الاعتناء بمزرعتي، أتصل برفيقاتي من النساء لمساعدتي. وأذهب في اليوم التالي لمساعدة أحدهن. وهكذا تساعد إحدانا الاخرى لإنجاز المهام دائمًا، وسنستمر بالقيام بذلك."
بعد سبع سنوات من الصراع، أصبحت اليمن غير مستقرة بصورة متزايدة، حيث تعاني من انهيار الخدمات الأساسية وتزايد البطالة والاضطرابات الاقتصادية الشديدة، بما في ذلك القطاع الزراعي. وعلى الرغم من أنه لا يتم إلا انتاج القدر اليسير من الغذاء في البلاد محليًا، إلا أن ما يقرب من ثلثي اليمنيين يعتمدون على الزراعة لكسب عيشهم.
تمثل النساء العمود الفقري للاقتصاد الريفي العالمي، حيث يمثلن حوالي 43 في المائة من القوة العاملة الزراعية في البلدان النامية. بدروها تعتمد المجتمعات الريفية في اليمن على النساء في العمل الزراعي، من خلال المزارعات والزراعة والري وإزالة الأعشاب الضارة وحصاد المحاصيل.
تشاهد هايلة التي تبلغ من العمر 60 عاما أشجار عنبها تنمو من نافذة منزلها في بني حشيش، وهي ما تزال تستخدم العديد من الممارسات التي تعلمتها من أسلافها لأكثر من 50 عامًا، وتخطط هايلة تمامًا كما كان يفعل والديها من قبلها أن تتعهد مزرعتها لأطفالها حتى يتمكنوا من الاستمرار في ممارسة هذا التقليد والاستفادة من عملهم الشاق.
توضح هايلة قائلة بأن هذه المنطقة "تزرع العنب منذ عصور قديمة"، ويستخدم الناس العنب في كل شيء ابتداءً من الخل والعصير والزبيب، وحتى كدواء. بالطبع، تتطلب زراعة العنب الكثير من الجهد وعمق المعرفة واتساعها."
وعلى الرغم من أن هايلة كانت تزرع أنواعًا مختلفة من العنب لسنوات عدة، إلا إنها عانت من انخفاض كبير في جودة العنب العام الماضي بسبب هطول الأمطار الغزيرة وظهور حشرات المن الأسود وذباب الفاكهة والعفن الفطري. وبحلول نهاية الموسم، لم تجني هايلة وعائلتها أي ربح بسبب ضعف الشراء وارتفاع تكلفة الديزل والحاجة المستمرة إلى رش النباتات لدرء هذه الآفات.
نظرًا لأن أكثر من 75 في المائة من سكان اليمن يعيشون في المجتمعات الريفية وينخرطون في العمل الزراعي كمصدر للعيش، فإنهم يعتمدون بشكل كبير على ظروف ملائمة للزراعة المحلية. ونتيجة للجفاف والفيضانات الشديدة والآفات وتفشي الأمراض المفاجئة والتغيرات في أنماط هطول الأمطار وزيادة وتيرة العواصف وشدتها، هاجر العديد من المزارعين والعاملين في الزراعة وتخلوا عن أراضيهم.
تسبب عدم انتظام هطول الأمطار وموجة الأمراض الفطرية في إتلاف جزء كبير من محصول هايلة، وهي نكسة تشاركها مع كثيرين آخرين في منطقتها. وتتحدث هايلة عن خسائرها قائلة: "خلال موسم العنب في العام الماضي، لم أتمكن من تغطية تكلفة الديزل المستخدم في مضخات المياه لري المزرعة وحتى أجور العمال وكانت الخسارة كبيرة."
كما تعتبر ندرة المياه ونقص الوقود أكبر عائق أمام الإنتاج الزراعي إلى حد كبير، مما جعل الري باهظ التكلفة. وانخفضت الأراضي المزروعة في عام 2016 بمعدل 38 في المائة. ونتيجة لتغير المناخ على المدى الطويل، من المتوقع أن تخسر الأسر الريفية ما بين 3.5 إلى 5.7 مليار دولار أمريكي؛ خسارة تراكمية بحلول عام 2050.
ولهذا، ينظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى المرأة الريفية كقوة فعالة في بناء قدرات الأسر والمجتمعات المحلية على الصمود لتحسين الأمن الغذائي ومواجهة آثار تغير المناخ. من خلال دعم المبادرات التنموية، التي تساعد المرأة الريفية على الوصول إلى الموارد الإنتاجية والمشاركة على قدم المساواة في تحديد الاحتياجات ذات الأولوية لمجتمعاتها، يتم تمكين النساء ليكن بمثابة المحرك الهام للانتعاش المستدام، وهن كذلك بالفعل.
قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، من خلال شراكته مع البنك الدولي وبالتعاون مع شركائه الوطنيين - الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة - حلولاً أكثر ديمومة، وذلك من خلال إعادة تأهيل الأراضي الزراعية وبناء وتحسين قنوات وشبكات الري والري بالتقطير والمحافظة على المياه ودعم الممارسات المتكاملة لإدارة مستجمعات المياه. لقد ساهمت هذه المبادرات في إعادة تأهيل 24,000 هكتار من الأراضي الزراعية وزيادة الدخل وإنتاج المحاصيل لـ 7,720 مزارع في جميع أنحاء اليمن.
من خلال هذه الشراكة، تم تزويد هايلة - و70 آخرين من مزارعي العنب - بالتعريشات وآلات الحرث اليدوية للمساعدة في تحسين إنتاجهم الزراعي ودخلهم. تساعد التعريشات هايلة على ضمان تعرض العنب لأشعة الشمس وتدفق الهواء وترويض أشجار العنب على الحفاظ على شكل معين.
***
بتمويل ودعم من المؤسسة الدولية للتنمية / البنك الدولي ، يعمل الصندوق الاجتماعي للتنمية و مشروع الأشغال العامة، بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على تنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن، حيث يوفر المشروع الذي تبلغ تكلفته 411 مليون دولار أمريكي، محفزات اقتصادية، عبر مشاريع النقد مقابل العمل واسعة النطاق، ودعم الأعمال التجارية الصغيرة، والمبادرات ذات العمالة الكثيفة المرتبطة بالمشاريع الاجتماعية والاقتصادية، مما يعود بالفائدة على الأسر والمجتمعات المحلية المتضررة من الأزمة المستمرة في اليمن.