كيف أن خدمات الأمومة في المناطق الريفية تنقذ أرواحاً وتبعث الأمل لدى الأمهات الحوامل
في ركن غرفة لا تحوي أكثر من سرير صغير وخزانة أدوية، ترتدي القابلة سماعتها الطبية على أذنيها وتفتح حقيبة كبيرة مليئة بالأدوات الجراحية. وهذه الغرفة ليست إلا غرفة ولادة في منزل صغير في قرية بني محمد الريفية التي تقع في محافظة تعز.
تشرح قابلة لا تعرف الكلل قائلة: "كوني امرأة شابة، ينتابني شعور بالرعب من تجارب النساء الحوامل اللواتي يعانين من مضاعفات الولادة التي تصاحبهن طوال رحلتهن الشاقة والطويلة إلى أقرب مرفق صحي".
بسيمة، شابة ذات شخصية مبادرة تعيش حياة عادية مع أسرتها ووالدتها التي بفضلها تغيرت حياة الكثير من النساء في قريتها إيجاباً نحو الأفضل، فوالدتها امرأة حنونة أمضت حياتها كلها في تقديم المساعدة للحوامل للوصول الى ولادة آمنة، وكانت نموذجاً يحتذي به الكثيرون، فقد غرست الشعور بالمسؤولية والاستعداد لمد يد العون للآخرين من جيرانها وأصدقائها، وبدون شك غرست ذلك في ابنتها بسيمة البالغة من العمر خمسة وثلاثين عاماً.
على خطى والدتها، عملت بسيمة قابلة متطوعة في إحدى عيادات القرية تبعد من منزلها مسافة نصف ساعة سيراً على الأقدام. وبعد عامين، انتقلت إلى مدينة التربة، وهناك أكملت بنجاح دبلوماً مدته ثلاث سنوات في مجال القبالة. بعزم ومثابرة، جمعت بسيمة القوة التي احتاجتها لإكمال تعليمها والتغلب على التحديات المالية الصعبة.
تقول بسيمة: "خلال السنوات الدراسية الثلاث، كنت بعيدة عن المنزل، وأتذكر أنني قضيت ليالياً وأنا جائعة". وفور تخرجها، كافحت بسيمة لتجهيز عيادتها للولادة وبدء حياتها المهنية ولم تفقد الأمل أبداً.
وذكرت بسيمة "ساهمت بصفتي عضوةً في لجنة المجتمع المحلي في إعداد قائمة بأسماء النساء المستضعفات اللواتي يطمحن إلى إدارة مشاريعهن الخاصة وتحسين ظروفهن المعيشية والوصول الى الاكتفاء الذاتي. لاحقاً، وصل إليَّ خبر اختياري أيضاً ... يا له من شعور رائع! شعور تعجز الكلمات عن وصفه".
التحقت بسيمة بدورة تدريبية لمدة 10 أيام حول إدارة الأعمال، ثم تلقت منحة أولية بقيمة 600 دولار أمريكي لشراء المعدات اللازمة لعيادتها. الآن، تستقبل عيادتها ما لا يقل عن 10 حالات ولادة شهرياً مقابل رسوم غير مشروطة. وأوضحت بسيمة قائلة "مشروعي مشروع غير ربحي وهدفه الرئيسي خدمة المجتمع".
عندما كانت أميرة سعيد حاملاً، لم تكن قادرة على السفر لمدة ساعة ونصف إلى أقرب مستشفى. ولذلك، لم تتمكن من الحصول على رعاية ما قبل الولادة التي احتاجتها. وكان يزداد قلقها كلما اقترب يوم ولادتها. سألت نفسها أين سأنجب طفلي؟ هل يمكنني أنا وزوجي تكبد نفقات المستشفى وتكاليف المواصلات؟ ومع اقتراب موعد الولادة، علمت من نساء أخريات في قريتها أن هناك عيادة للقبالة قريبة من مكان سكنها وهي عيادة تقدم خدماتها بكفاءة عالية وبرسوم يستطيع الجميع دفعها. لقدكان خبراً ساراً، وبعد أسابيع أنجبت أميرة طفلها بأمان.
تقول بسيمة: "أدركت أنه لا يوجد مستحيل"، وأضافت بكل سعادة "هذا المشروع لم يكن تمكيناً من الناحية المالية فحسب، بل منحني أيضاً دوراً رائداً في منزلي. فالآن، يمكنني أن أقول إنني صانعة قرار. يمكنني أن أدرس متى أردت، وأعمل خارج المنزل حتى وقت متأخر من الليل إذا لزم الأمر، والأهم من ذلك، أني أخطط لمستقبلي بكل استقلالية.
***
تم تنفيذ هذه الأنشطة ضمن البرنامج المشترك الثاني لدعم سبل كسب العيش والأمن الغذائي في اليمن بالشراكة مع منظمة أوكسفام وبتمويل ودعم سخي من الاتحاد الأوروبي والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي.