إحـــــاطة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن، السيد مارتن غريفيث الى مجلس الأمن
إحاطة مجلس الأمن (15 مايو 2019)
السيد الرئيس، شكرا جزيلا،
أود أن أشكركم على إتاحة هذه الفرصة لي لكي أقدم احاطتي للمجلس، حيث يسرني اليوم أن أبلغ المجلس بالتقدم الذي تم احرازه في تنفيذ اتفاق الحديدة. لقد قام أنصار الله خلال الفترة من 11 الى 14 مايو بإعادة انتشار مبدئية للقوات من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى تحت مراقبة الأمم المتحدة، حيث كان زميلي الجنرال مايكل لوليسجارد وفريقه من بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة موجودين في كل من الموانئ الثلاثة لمراقبة عمليات إعادة الانتشار هذه والتحقق منها. هذا وأكدت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة تعاون أنصار الله كانت بشكل كامل طوال الانسحاب. لقد غادرت قوات أنصار الله العسكرية الآن الموانئ الثلاثة في الحديدة والصليف ورأس عيسى. أود أن أهنئ الجنرال مايكل لوليسجارد وفريقه على هذا الإنجاز، وأعرب عن امتناني لهم على ثباتهم في دعم اتفاق الحديدة.
هذا التقدم سيمكن الأمم المتحدة من القيام بدور رائد في دعم مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية في إدارة وتفتيش الموانئ، بما في ذلك تعزيز دور آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة، حيث المفتشون مستعدون للانتشار. ان الأمم المتحدة مستعدة أيضًا للمساعدة في تحسين إنتاجية وكفاءة ميناء الحديدة. هذا وسيرسل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فرقًا إلى الميناء لتثبيت مصابيح للملاحة لمساعدة السفن على الرسو بأمان وإصلاح المرافق وتحسين أرصفة المراسي وإزالة الألغام من المحيط الخارجي لمنشآت الميناء. بالإضافة إلى ذلك وبدءًا من يوم السبت، سيقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بدعم 4000 شخص في الحديدة ضمن مخططات للأشغال العامة. هذه علامات على بداية جديدة في الحديدة، ولقد صار التغيير في الحديدة واقعا على الارض.
السيد الرئيس،
كما قلت لهذا المجلس عدة مرات منذ كانون الأول / ديسمبر ومنذ أن أبرم الاتفاق في السويد، لم نكن نتوقع أن يكون تنفيذ هذا الاتفاق سهلاً، ولم يكن كذلك. ولكن مع الالتزام المستمر للطرفين وللتحالف والدعم السريع والحاسم من هذا المجلس وقيادة الفريق مايكل لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، رأينا الخطوة الملموسة الأولى نحو تنفيذ اتفاق الحديدة. أنا ممتن للسيد عبد الملك الحوثي على التزامه ولأنصار الله على الوفاء بوعودهم. إن ذلك يظهر جديتهم والتزامهم بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في استوكهولم. أعرب عن تقديري لهم لكونهم أول من أعاد نشر قواتهم كما تم الاتفاق في ستوكهولم، ان هذا هو موضع ترحيب كبير. أود أن أضيف أيضاً أن الحكومة اليمنية كانت ثابتة في تأكيد التزامها بإعادة الانتشار على النحو المتفق عليه في المرحلة الأولى، ان هذا أيضا موضع ترحيب كبير. لقد أتيحت لي الفرصة لمقابلة الممثل الدائم لليمن بالأمس وناقشنا بالضبط هذا الالتزام الواضح والصريح. أنا ممتن جدا للرئيس هادي لقيادته المستمرة وهو ملتزم شخصيا بالتنفيذ الكامل لاتفاق الحديدة وكثيرا ما أصر على الأهمية القصوى لعمليات إعادة الانتشار.
السيد الرئيس،
ان هذه اللحظة مهمة وتستحق الترحيب، ولكن هذه ليست سوى البداية. يجب أن تتبع عمليات إعادة الانتشار هذه إجراءات ملموسة من الطرفين للوفاء بالتزاماتهما بموجب اتفاق استوكهولم. ينبغي على الطرفين أن يحافظا على الزخم الحالي، وذلك بتطبيق الخطوات اللاحقة من اعادة الانتشار المتبادل، والذي سيتم التحقق منه ومراقبته بواسطة الطرفين. كما ينبغي تقديم الدعم اللازم لتعزيز دور الأمم المتحدة في الموانئ. إذا لم يتم المضي قدماً في هذه الإجراءات، فسيبقى اتفاق الحديدة في وضع محفوف بالمخاطر كما رأينا في أشهر هذا العام.
لذا أدعو الطرفين إلى الاتفاق على الخطة العملياتية للمرحلة الثانية، والتي يتفاوض عليها الجنرال مايكل، حتى تتواصل إعادة الانتشار في الحديدة. وبمجرد الانتهاء من التوصل إلى اتفاق وتنفيذ كامل المرحلة الأولى والمرحلة الثانية، سيقوم الطرفان برصد جميع عمليات إعادة الانتشار والتحقق منها والمشاركة معنا في رفع التقارير، وفقًا لما اتفقت عليه الأطراف، من خلال لجنة تنسيق إعادة الانتشار، والممثل فيها الطرفين. نحن نسعى للتوصل لاتفاق مع الطرفين حول مقاربة لقوات الأمن المحلية بالتوازي مع مفاوضات إعادة الانتشار.
آمل، ونأمل جمبعت، أن يسمح التقدم الذي شهدناه والخطوات اللاحقة التي تنوي الأطراف اتخاذها، بأن تشهد مناطق إضافية في الحديدة، مثل منطقة الدريهمي، المنفعة الفورية التي تتمثل بزيادة تدفق المساعدات الإنسانية. وبالطبع سوف نسمع الكثير من الزملاء هنريتا ومارك حول هذه الأمور.
إن الهدف من اتفاق الحديدة وما كان في ذهننا طوال الوقت وما يدور في ذهن الأطراف طوال الوقت، هو تحسين الوضع الإنساني هناك و في أنحاء اليمن، هذا هو هدف اتفاق الحديدة.
وانني متشجع بالخطوات التي اتخذها الطرفان لمعالجة المسائل المتعلقة بالجوانب الاقتصادية لاتفاق الحديدة، وبالأخص النظر في إيرادات الموانئ، حيث اجتمع ممثلي الطرفين في عمان أمس واليوم مع مكتبي لمناقشة هذه الموضوعات. يجب أن أشدد على أهمية هذه المناقشات لأنها ستضمن، وهذا هو الهدف، أن عائدات الموانئ تستخدم لصالح الشعب اليمني وفي دفع المرتبات بشكل عابر لخطوط المواجهات. أود أن أغتنم هذه الفرصة لأشكر حكومة الأردن على السماح بعقد هذا الاجتماع واستضافته.
السيد الرئيس،
على الرغم من أهمية الأيام القليلة الماضية، لا يزال اليمن على مفترق طرق بين الحرب والسلام. إذا كان وقف إطلاق النار في الحديدة ثابتًا بشكل عام، هناك تصعيدا مقلقا للصراع في جوانب شتى. ان هذا التصعيد هو تذكير بأن الإنجازات التي تحققت بشق الأنفس يمكن محوها في طرفة عين. لا يمكننا تجاهل كيف تؤثر الحرب على العملية السياسية وعلى المضي قدما في مسار السلام. ان التوصل لحل سياسي هو بمثابة جراحة دقيقة، أو قيادة سفينة هشة في مواجهة الرياح.
السيد الرئيس،
إن التقدم الملموس في الحديدة سوف يمكننا، وينبغي أن يمكننا، من المضي قدما في مفاوضات إنهاء الصراع، وسيمكننا من استئناف المفاوضات السياسية بهدف إيجاد الحل السياسي للصراع. كما أوضح لي العديد من اليمنيين لي خلال الأيام القريبة الماضية، فإن وحده الحل الشاملسيضمن لليمن السلام المستدام.
لقد مرت ثلاث سنوات منذ أن ناقش الطرفان الحل السياسي. لقد حان الوقت لمنحهم الفرصة للقيام بذلك. آمل أن يتمكن الطرفان من بدء هذه المفاوضات في أقرب وقت ممكن. وهناك الكثير من العمل حول أسس الحل السياسي تم إنجازه بالفعل وينبغي البناء عليه. والمبادئ الأساسية للحل معروفة جيدًا وليس أقلها المناقشات المفصلة التي جرت على مدار ثلاثة أشهر في الكويت، هذه المناقشات التي تسترشد كما نسترشد نحن، بالقرارات ذات الصلة لهذا المجلس، بما في ذلك القرار 2216.
ان تلك المفاوضات التي هي بطبيعة الحال الركيزة الأساسية لمهمتي تتطلب الصبر وحسن النية وبطبيعة الحال مواءمات تفوق ما رأيناه من قبل.
السيد الرئيس،
لن يكون حل هذا الصراع ممكنًا إلا إذا كان شاملا لصوت مجموعة واسعة من اليمنيين. إن إشراك النساء بشكل خاص في عملية السلام سيحدد مستقبل مشاركتهن خلال المرحلة الانتقالية. وانا أؤكد على التزام مكتبي بهذا الأمر. لقد كانت مساهمة المجموعة النسوية الاستشارية المتخصصة اليمنية في عملية السلام هذه قيّمة بالفعل خلال مشاورات استوكهولم، وينبغي أن توفر أساسًا للتواصل بشكل أوسع مع النساء اليمنيات اللائي يبقين في بيوتهن في الخطوط الأمامية لرعاية أسرهن.
التقيت في أبريل / نيسان الماضي مع المجموعة النسوية الاستشارية المتخصصة اليمنية، في اسكتلندا في المملكة المتحدة، حيث قدمت المجموعة أفكارًا لاتفاق السلام الشامل ولكيفية الحفاظ على الاستقرار في اليمن خلال مرحلة ما بعد اتفاقية السلام. لقد جاءت المشاركات بصعوبة شديدة إلى المملكة المتحدة، فالسفر من اليمن ليس بالأمر البسيط كما أنه ليس بالأمر الآمن. أنا ممتن للغاية لهن على تحملهن مخاطر غير عادية على سلامتهن الشخصية من أجل إحلال السلام، وممتن لإسهاماتهن. وسوف نعتمد على استمرار تلك الاسهامات ونحن ننتقل إلى النظر في الخيارات السياسية لحل هذا الصراع.
أود أن أؤكد مرة أخرى على أهمية تعزيز مشاركة الجنوب في عملية السلام. لقد قابلت العديد من المجموعات الجنوبية خلال العام الماضي، ولدينا الآن مكتب في عدن يتولى قيادته موظف سياسي بارز وخبير في الأمم المتحدة، وأنا ممتن للالتزام الذي أظهرته لنا هذه المجموعات بخيار الحوار من أجل ايجاد حل لمخاوفهم بشأن مستقبل الجنوب، وهذا هو الالتزام الذي يؤكدونه لنا. وعلينا أن نحافظ على علاقة وثيقة معهم للتأكد من أننا نسمعهم، ونستمع إلى تطلعاتهم.
السيد الرئيس،
هنالك بوادر أمل، لا شيء يجب ان يقلل من ترحيبنا بعمليات إعادة الانتشار التي تمت في الحديدة خلال الأيام الأخيرة، واحتمالات أن نشهد مزيد من التقدم في تلك العمليات. لكن سيدي الرئيس، هناك أيضًا بوادر مقلقة في الأيام الأخيرة بشأن الحرب. والحرب عادة قادرة على أن تعصف بالسلام، وتأثيرها أكثر من التأثير الإيجابي للمكاسب التي تم تحقيقها بشق الأنفس نحو التسوية. ان احتمال محو هذا التقدم بسهولة هو أمر مخيف للغاية. وأعتقد أن الدرس الذي يجب أن نتذكره خلال هذه الأيام هو أن التقدم الذي يمكن أن يتم احرازه يمكن أيضا ان يتم افشاله.
أخيرًا، سيدي الرئيس، أود أن أطلب من أعضاء هذا المجلس الترحيب أولا بإعادة الانتشار التي رأيناها في الحديدة في الأيام القليلة الماضية، والترحيب أيضا بالتزام الطرفين بعمليات إعادة الانتشار، وحث الطرفين على العمل بدأب مع الجنرال لوليسجارد لتنفيذ عمليات إعادة الانتشار المتبقية، وحثهما على العمل معنا بشكل سريع للتوصل لحل سياسي. أخيراً، يجب حماية هذه البدايات من تهديد الحرب. يجب ألا نسمح للحرب بأن تسحب خيار السلام من عن الطاولة.
شكرا سيدي الرئيس.